امحمد امْعَيْط.. رجل الرياضة والنكتة بامتياز(الجزء الثاني)
نورس البريجة : خالد الخضري
– آخر الخطابات.. آخر البسماتأثرت في الجزء الأول من هذه الورقة الخاصة بالصديق المرحوم امحمد امعيط، الذي اختطفه الردى على حين غفلة من بيننا يوم الأحد 30 يناير 2022 عددا من خصاله الحميدة التي قلما تجتمع في شخص واحد في هذا العصر، على رأسها حبه لفعل الخير وممارسته له بتلقائية عارمة، ضاربا المثل بمساهمته الفعالة في اقتناء دراجة نارية للفقيه المقعد عبد العزيز لحرش بدوار المنقرة جماعة خميس الزمامرة.ففي سياق ذات الموضوع، وامحمد مازال على قيد الحياة يوم الأربعاء 26 يناير 2022، وبعدما بعثَ لي عبر الواتساب باسم مرهم لعلاج توعك عضلي تعرضت له خلال ممارستي للرياضة مؤخرا،أرسلت له في الساعة 7 و 51 دقيقة مساء الخطاب التالي:((بالمناسبة أجدد لك شكري العارم على الدور الريادي و”الرياضي” أيضا،الذي لعبتَه من أجل تحصيل دراجة الفقيه عبد العزيز لحرش .. لقد ساهمتَ فعليا في إدخال الفرحة إلى قلبه وإلى قلوب سائر أفراد أسرته،إ ن لم أقل الدوار بر مته. جازاك الله خيرا))فأجاب هو بالحرف في 9 و 48 دقيقة ليلا:((الفضل أولا يرجع لله هو من جعلك تقول لي الأمر عفويا. وبعدها جاءتني فكرة الاتصال بالسيد .فكلنا ساهمنا في الأمر:من طرح الفكرة.. ومن اتصل.. ومن..اشترى.. ومن عاين.. ومن حمل..كل هؤلاء كانوا سببا في إدخال الفرحة على الرجلتحية للجميع))ثم بعد لحظات بعث لي نكتة مصورة مكتوبة بالدراجة على خليفة صفراء منشورة رفقته. وقد سقت هذه الطرفة عمدا لتمرير معلومة مهمة وهي أن احمد امعيط كان أيضا رجل نكتة بامتياز.. ولم يكن يبعث بالنكت السخيفة ولا الخليعة، فمعظم طرائفه كانت خفيفة نظيفة تثير على الأقل الابتسام إن تفجر الضحك مثل هذه الخاصة بالويسادة أو (المخدة) إذ كان يندر أن نلتقي ولا نضحك حتى أثناء ممارسة التمارين الرياضة.
فمثلا حين كان ينقطع عن ممارستها بغابة الحوزية يسألني:((مال الغابة ملققة؟أرد عليه:لأن امحمد ولد العَجْمي هْجرها وما بقاش يتريني فيها)) فنضحك معا.في هذا السياق كنت دائما أناديه ب”ولد العجمي” نسبة لوالده عبد الكبير الذي اشتهر بلقب “ولد العَجْمي” في الزمامرة.. ولازلت حتى الآن أتذكر العديد من الطرائف والقفشات التي كنت أتبادلها مع امحمد امعيط فأضحك.. لكنه ضحك غدا… مندى بالدموع.2- في الحركة بركة ما قد لا يعرفه كثيرون عن المرحوم امحمد امعيط أنه كان رجل رياضة وبامتياز: ممارسة، تنظيرا وتلقينا. يقر صديقه محمد واوّا، مدير قاعة رياضية بالزمامرة أن امحمد كان مواظبا على ممارسة رياضة الكارطيه بقاعته طيلة خمس سنوات منتظمة من 1985 إلى 1990..إلى أن أصبح بطلا جهويا وحاز بذلك على الحزام الأسود من الدرجة الأولى، كما شارك في عدد من اللقاءات والتداريب الوطنية محصلا على كم من الجوائز والميداليات.إلا أن أهم خاصية كان يتميز بها إن لم لأقل: أهم وأروع ميدالية تمنطق بها امحمد امعيط في حياته الرياضية هي:”العِلم” أؤكد هذا ليس من خلال شهادة صديق أو زميل له، بل من خلال تجربتي الشخصية والطويلة معه كتلميذ ممارس للرياضة بجانبه لما يربو عن الثلاثين سنة منذ تسعينيات من القرن الماضي حتى أواخر العام الفارط (2021).. وأنا الذي تمرن تحت إدارة عشرات المدربين الرياضين في القاعات الخصوصية.. والعمومية.. كما في البحر.. والغابة.. والهواء والطلق… أقر أن أفضلهم على الإطلاق كان “امحمد امعيط” .. ومن يعرفه عن قرب من أصدقائه وزملائه الرياضيين يمكنهم تأكيد ذلك.كان أي شخص يمارس مع امعيط الرياضة، يرَوّضه هذا الأخير بما يتماشى وسنه، تكوين جسده كما قابليته للفعل الرياضي في حد ذاته. أنا شخصيا أدين له بالشيء الكثير، حيث بعث في رحمه الله طاقة إيجابية إن لم أقل خرافية، على إدمان الرياضة مع الاستمرار فيها. ومن أهم أقواله ومعلوماته الأثيرة في هذا المجال، معلومة علمية أكدها لي طبيب ممارس أيضا وهي:- “إن للرياضي المواظب عمران: العمر الكرونلوجي أو الترتيبي من 1 الى 60 عاما مثلا… ثم العمر الفيزيولوجي وهو الحقيقي أو الذي يعول عل عليه، وهذا الأخير يساوي: العمر الكرونلوجي ناقص ثلثه. فمثلا رياضي مواظب له من العمر الترتيبي 60 سنة، نحذف ثلتها وهو 20.. ليبقى عمره +الفيزيولوجي الذي يشعر ويمارس به هو: 40 سنة” لذا كان دائما يقول لي محفزا إنني أتمتع بجسد إنسان في الأربعينات من عمره. لكنه كان مع ذلك يكبح غروري متى لاحظ أنني أجهد نفسي أو أتمادى في بعض الحركات، فينبهني:- ع بشوية عليك أبّا خالد (وكان أحيانا يناديني بولد السي الهاشمي) راك كبرتي على هذه الحركات.. يمكنك أن تقوم ببدائل عنها أقل مجهودا وأكثر فائدة.وبالفعل – ما شاء الله عليه – أذكر فقط أننا في رمضان الأخير (ماي 2021) كنت أقوم وإياه ومعنا الصديق إبراهيم الخميدي، ببعض الحصص الرياضة قبل الإفطار بحوالي نصف ساعة في حديقة الحسن الثاني بالجديدة (Parc Spini سابقا) حيث كانت الحصة لا تدوم أكثر من 20 دقيقة ورغم ذلك نعرق !! ومعروف أن أهم درجة يعمل الرياض على بلوغها هي أن يتعرق جسمه، لما في ذلك من منافع صحية بفضل انفتاح مسام الجلد والتخلص من الذهنيات وتنشيط الدورة الدموية.والحركات التي نقوم بها في رمضان خفيفة بطئ إيقاعها بحكم جفاف الجسم من الماء خلال الصيام، لكن امحمد وببصيرة “الحكيم” وليس فقط “المعلم” كان كفيلا بأن يجعلك تعرق دون أن تتعب !!3 – ماذا؟ لماذا؟ وكم؟…أروع ما كان يميز امحمد أمعيط ميدانيا هو كيفية التعليم والتلقين خلال الحصة الرياضية، فحين يقترح عليك أية حركة يشرح على الأقل أربع قواعد ترتكز عليها:1 – ماذا: أو ما هي هذه الحركة التي سنقوم بها ؟ -2- لماذا: أي أية جهة من الجسم أو عضلة سنروضها بها؟ – 3- كيف: سنقوم بها دون إجهاد؟ -4- ثم كم وَحَدة unité سيتم تعدادها للقيام بهذه الحركة؟ وكم مرة؟Série حتى تمارين الترويض المفصلي أو التدليك كان يتقنها ويشرح قواعها.. فكل أعضاء الجسم يمكن تدليكها مستقلة بما في ذلك الأنف.. والعينيين.. والشفتين.. والأذنين (بصراحة كان كيجبّد لي ودنيَّ مزيان لا سيما في الغابة حيث لا فاك ولا فكّاك…) والرأس برمته.. فكم مرة كنت أشكو له بصداع في رأسي فيقوم بتدليك فروته بدءا من الصدغين مرورا بالجبين حتى مؤخرة الجمجمة وفي منطقة المخيخ وبداية الرقبة… فكان الصداع والله شاهد يتبخر في حنيه.الحاصل وما فيه: وفاة امحمد معطي خسارة على جميع الأصعدة، لا نملك معها إلا الدعاء له والترحم عليه.4 – ابن البط عوّامحبا من امحمد امعيط للرياضة واقتناعا منه بنجاعتها في تحقيق التوازن الجسدي والمعنوي للإنسان، كان عضوا منخرطا في قاعة رياضية خصوصية بالجديدة يمارس بها وبانتظام صارم تمارينه ثلاث مرات في الأسبوع… ويوم الأحد كان يذهب لغابة الحوزية صحبة ابنه نزار من حين لآخر. وكان يمارس إلى جانبه وبنفس الالتزام والانتظام في القاعة ذاتها، ولداه نرجس (19 سنة) ورضا (8 سنوات).