نورس البريجة: خالد الخضري
1 – لكل زمن وفضاء رابعته العدوية.
في فقرة “تقديم مؤلفات” بالدورة 15 للمهرجان الدولي لفيلم المرأة المنعقدة حاليا بمدينة سلا، تم صباح يوم الجمعة 30 سبتمبر 2022، توقيع مؤلَّفيْن أولهما باللغة الفرنسية يحمل عنوانا مركبا: “نساء قديسات، مسار الوليات الصالحات بالمغرب” لياسمينة الصبيحي. وثانيهما رواية باللغة العربية تحت اسم: “زهرة اللارنج” لحسناء شهابي. قدم الكتابين وأدار النقاش الزميل والصديق الكاتب حسن نرايس.
يغوص الكتاب الأول في مسار حياة الوليات الصالحات في المغرب لا سيما في سوس وفاس. والحقيقة وحتى قبل قراءتي لهذا العمل، فموضوعه مغر، شيق ومثير لأنه يرتكز على بحث ميداني قامت به الأستاذة ياسيمنة – وهي مهندسة معمارية وأستاذة جامعية، باحثة في التصوف والتراث الروحي– زيادة على اعتمادها على عدة مراجع مذكورة في طرة الكتاب. وشخصيا أعرف معاناة البحث الميداني الجسدي ومغصه الفكري الموجع الذي يتحول إلى متعة حين حصد وافر من الغلال والحقائق كثير منها مذهل عن العينة المبحوث فيها، لاسيما أولياء الله الصاحين الذين كان عدد كبير منهم علماء ورجال فكر وأعمال صالحة زيادة على الأقوال والحكم والكرامات التي يبالغ العامة في تعظيمها . فما بالكم بالوليات الصالحيات واللواتي يستحققن فعلا لقب “قديسات” أو كما أسمتهم الكاتبة ” رابعات العدويات”؟ فلكل زمن وفضاء قديسته أو رابعته العدوية.
2 – زهرة اللارنج بين لذة القراءة ومتعة الجسد
ورد في تقديم الرواية: “هذا الكتاب ليس سيرة ذاتية، وإنما رواية سفر لأنثى دام سنوات في رحاب الواقع والخيال لاسترجاع الأمكنة والأزمنة. ورحلة امرأة تبحث بين دروب الكلمات واللغة عن عوالم التحرر وأسرار الجسد. وسرد شديد المتعة والتشويق لحكايات نسائية مليئة بمواقف وطرائف ومغامرات من سجلات العشق”.
أيضا وقبل قراءة الرواية ومن خلال فقط ما حكته المؤلفة عنه، فهو يحلق في مجرات العشق والبوح والتكتم عنه وما بينهما. محيلا على عينة من الأسفار التي حلقت في غياهب الصبابة والوجد واكتوت باللذة الحسية لحد التحلل والعمى لعل من أشهرها “طوق الحمامة” لابن حزم الأندلسي الذي حوله المخرج ناصر خمير إلى فيلم سينمائي رائع والذي اشتغل فيه على الحب وعن حرِّه، قرّه، درجاته ومصطلحاته التي بلغت المائة مبتدئا السرد بقولته أو حكمته الشهيرة: “اعلم اعزك الله أن الحب جده جد وهزله جد” يعني أن “الحب” الحقيقي (ما معاه ملاغة). هذا التحلل أو الذوبان في جسد الخليل هو الذي أشارت إليه حسناء شهابي في آخر عبارة وردت بمؤلَّفها: “جسدك ملتف حول عنقي، اقضِ عليه حتى لا أرى امرأة غيرك”.
- من باب التعريف:
شجيرة أو شجرة اللارنج يصل ارتفاعها إلى عشرة أمتار. أوراقها جلدية غامقة اللون والأزهار بيضاء لها رائحة عطرية لطيفة والثمرة كروية كبيرة ذات لون برتقالي محمر وخشنة الملمس وطعمها حامض مثل الليمون. يعرف اللارنج علميا باسم CITRUS AURANTIUM