تكريم عبد الرحمن عريس بمهرجان الأيام السينمائية لدكالة بالجديدة
عريس ثقافي متجدد
د. عبد الواحد مبرور
ضمن فقرات الدورة 11 لمهرجان الأيام السينمائية لدكالة بالجديدة المنظمة من 3 إلى 6 نوفمبر 2022، تم تكريم السيد عبد الرحمن عريس المدير الإقليمي لوزارة الثقافة والالتصال بالجديدة، هذا الحفل الذي حضرته فعاليلات ثقافية، فنية وإعلامية من داخل وخارج الجديدة ضمنهم الممثل الفنان صلاح الدين بنموسى والمطرب الفنان محمد الغاوي. فيما يلي الورقىة التي تم إعدادها من طرف الدكتور عبد الواحد مبرور، أستاذ مادة اللسانيات الاجتماعية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة حول السيد عبد الرحمن ونشرت بكاتلوغ المهرجان.
من الصعب جدا الحديث عن شخص تربطك به أواصر صداقة، من المتعب كذلك أن تأخذ المسافة اللازمة لكي ترى الأشياء بعيون محايدة تغنيك عن السقوط في الذاتية المفرطة، وتبعدك عن اللغو المناسباتي الذي أصبح العملة المتداولة بين العديد ممن ” يعيشون ” بين ظهرانينا.هذا ما أحسست به فعلا وأنا أحاول كتابة بعض السطور في حق السيد عبد الرحمن عريس (أكتبها هكذا لكي يتبين معناها). تساءلت كثيرا عن محتوى ما سوف أسوغه عن الجوانب (وهي عديدة ومتنوعة) التي سوف أتطرق لها. صعوبة هذا الفعل تكمن في تداخل هذه الجوانب فيما بينها، تتكامل أحيانا وتتعارض لما لا نأخذ الوقت الكافي لملاحظتها ومحاولة فك خيوطها وتموجاتها.
تعرفت على السيد عبد الرحمن عريس كمسؤول إداري بقطاع وزارة الثقافة. عندما تجالسه أو تتحدث إليه، أو حينما تشتغل معه في إطار لجنة أو مجلس أو مشروع تحس به، تحس بحضوره، تحس بما يحمله بداخله من هم ثقافي. من السهل جدا أن تقع يداك على مسؤول أو مسير يتقن عمله في إطار التسيير الإداري الجاف (في كثير من الأحيان)، لكن ليس من السهل العثور على مسؤول تستقي من كلامه ومن تواجده أهمية الفعل الثقافي في حياتنا اليومية.
اشتغلت كذلك إلى جانب السي عبد الرحمن عريس في إطار جمعوي مكنني من الوقوف عند العديد من مناقبه التي لا تظهر إلا لمن خبره عن قرب. تحس به وكأن ما لم يستطع إنجازه في إطار عمله الإداري يسابق الزمن لإعطائه فرصة أخرى بحرية أكثر. لم يشتك قط من الضغط الذي يخيم عليه عند اقتراب أحد المواعد الثقافية ولا من المهام الكثيرة المنوطة به.
لا تفارق الابتسامة محياه ولا الكلمة الطيبة كلامه، علما أنه في الكثير من الأحيان يحس من يعرفه عن قرب بفوران دمه وغليان أعصابه دون أن يظهر للآخرين تذمره أو غضبه أو عياءه. قوة تحمله تنبع من إيمانه بما يقوم به، وهوسه بالفعل الثقافي خاصة لما يكون يشتغل إلى جانب ثلة من أصدقائه ممن يشاركونه شغف الثقافة وحب الحفاظ على موروث يميز هذه المنطقة عن باقي المناطق الأخرى.
خبرت السي عبد الرحمن كإنسان وكرب عائلة من خلال اللقاءات الكثيرة التي جمعتنا على هامش الملتقيات والمهرجانات. حضوره الدائم في دائرة عمله الإداري أو الجمعوي يوازيه غيابه عن ذويه وعائلته، ولكنه غياب جسدي فقط. عائلته الصغيرة حاضرة دوما من خلال أحاديثه. حبه الكبير لزوجته وبناته تستشفه من استحضاره لهن بين الفينة والأخرى وكأنه يريد أن يكفر بذلك عن ذنب اقترفته الإدارة في حقه.. وحين يكون بينهن تحس أنه متواجد دوما معهن. إنها خاصية أخرى تميزه عن الآخرين، تجعله رحيما ومتيما بذويه وعريسا متجددا في الحقل الثقافي الذي اختاره ملاذا له.