حصرياتمجتمع

تفرج مزيان في مدفع رمضان

في البرَيْجة وفي كل مكان

نورس البريجة: خالد الخضري

1 – مدفع رمضان وليد الصدفة

عادة مدفع رمضان التي لا تزال تتبع في عدد كبير من المدن المغربية والعربية ضمنها مدينة الجديدة، لم تصدر بناء على فتوى فقهية ولا أمر بها أمير أو حاكم عربي، أو سنّتها حكومة من الحكومات، وإنما ولدت عن طريق الصدفة فاستحسنها الناس وحافظوا عليها.

مدفع رمضان أسلوب يستخدم لإخبار العامة بحلول موعد الإفطار وفك الصوم في شهر رمضان حيث يقوم جيش البلد بإطلاق قذيفة مدفعية لحظة مغيب الشمس. وهو تقليد متبع في العديد من الدول الإسلامية. كما كان يلجأ إليه للتبشير بحلول عيد الفطر السعيد. ولازال هذا التقليد ساريا حتى اليوم.

يذكر التاريخ إلى أن المسلمين – في شهر رمضان – كانوا أيام الرسول (ص) يأكلون ويشربون من الغروب حتى وقت النوم. وعندما بدأ استخدام الآذان اشتهر بلال بن رباح وابن أم مكتوم بجودة آذانهما. وقد حاول المسلمون على مدى التاريخ ومع زيادة الرقعة الإسلامية وانتشار الإسلام، أن يبتكروا وسائل مختلفة إلى جانب الآذان للإشارة إلى موعد الإفطار إلى أن ظهر المدفع إلى الوجود في القرن 15 الميلادي.

كانت القاهرة عاصمة مصر أول مدينة ينطلق فيها مدفع رمضان، فعند غروب أول يوم من رمضان عام 865 هجرية (10يونيوه 1461 ميلادية) أراد السلطان المملوكي خشقدم أن يجرب مدفعا جديدا وصله، فصادف إطلاق المدفع وقت المغرب بالضبط، فظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حل. فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها. وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بالإفطار ثم أضاف بعد ذلك مدفع السحور والإمساك.

وهناك رواية تفيد بأن ظهور المدفع جاء عن طريق الصدفة فلم تكن هناك نية مبيتة لاستخدامه لهذا الغرض على الإطلاق حيث كان بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليدًا جديدًا للإعلان عن موعد الإفطار، وصاروا يتحدثون بذلك، وقد علمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بما حدث، فأعجبتها الفكرة، وأصدرت فرمانًا (قرارا) يفيد باستخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفى الأعياد الرسمية.

2 – من مصر إلى العالم الإسلامي

بدأت الفكرة تنتشر في أقطار الشام أولا، القدس ودمشق ومدن الشام الأخرى ثم إلى بغداد في أواخر القرن 19 م. وبعدها انتقل إلى مدينة الكويت حيث جاء أول مدفع إليها في عهد الشيخ مبارك الصباح عام 1709. انتقل بعد ذلك إلى كافة أقطار الخليج قبل بزوغ عصر النفط وكذلك إلى اليمن، السودان ثم دول غرب إفريقيا وشمالها بالمغرب العربي وضمنها المغرب بطبيعة الحال.

وكانت أول المدن التي انطلق فيها مدفع رمضان هي فاس ومراكش لتليها بقية المدن وضمنها البريجة / الجديدة إذ لا زلت أذكر أنني كنت أتابع هذه العادة منذ طفولتي المبكرة، وكان هناك مدفع قار فوق البرج المطل على الميناء حيث كنت ومجموعة من أترابي الصغار نتجمهر حول المدفع إلى أن يطلق قذيفته لنطلق بعد ذلك العنان لسيقاننا النحيفة تسابق الريح نحو منازلنا لتناول طعام الإفطار الشهي – رغم أن معظمنا لم يكن الصيام قد حق عليه بعد.

وحتى الآن، لا زلت مدمنا على مشاهدة هذه الفرجة المتنوعة والممتعة سمعيا وبصريا بشاطئ مدينة الجديدة، إلى جانب كثير من سكان المدينة وضيوفها من المغاربة والأجانب من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين.

لنتابع جميعا الربورتاج التالي عن مدفع رمضان بالجديدة:

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button