نورس البريجة: خالد الخضري
في ليلة صيفية منداة بنسيم منعش بالمسرح الملكي بمراكش توالت على خشبته المشرعة على الهواء الطلق 27 مجموعة شعبية تراثية، تنتمي إلى أقاليم ومناطق مختلفة بربوع المملكة تميزت كلها ودون استثناء بجودة الأداء، انسجام الألبسة مع تناسق ألوانها، هيمن على عدد منها لونا الراية المغربية الأخضر والأحمر. كما تجسد الانسجام في ضبط الإيقاعات والرقصات بشكل هارموني مذهل، إلى درجة أن سائحة أوربية قالت لي وهي في قمة انبهارها: إن ما شاهدناه وسمعناه سمفونية أوركيسترالية خيالية.
إلا أن هناك ميزتان أو بالأحرى “لازمتان” إن شئنا التعبير وحّدتا معظم هذه المجموعات أولاهما: اللياقة البدنية والخفة، بحيث نجد الطفل كما الكهل والشيخ يرقص وينط ويقفز أو “يلعب رطاوة” على الأرض بنفس الخفة والإتقان اللذين يؤدي بهما الشاب تلك الحركات والتحركات وعلى قدم المساواة بالنسبة للذكور كما الإناث. وثانيهما: الزغاريد التي كانت تلعلع في فضاء المسرح سواء عبر حناجر وألسنة النسوة الفنانات فوق الركح، أو من طرف اللواتي كن يتابعن العرض بمدرجات الجمهور، إلى جانب دقات الطبول، نقرات الدفوف، القراقب الگناوية، تراتيل النايات، شدو الغيطة، وركزات الأقدام فوق الخشبة كما التصفيقات الموحدة والموزونة بشكل يوقد شموع البهجة في الوجدان ويفتح شهية تذوق الحياة.
يندرج هذا العرض في إطار الدورة 52 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش الذي استُهل في 22 من يونيو الجاري ليتسمر إلى 26 منه. وللعلم فالمسرح الملكي الذي أنشئ في بداية هذا القرن يضم أكثر من 1200 مقعد وفي فضائه ينظَّم جزء من عروض هذا المهرجان إلى جانب فضاءات ساحة الحارثي، ساحة جامع الفنا الشهيرة كما حديقة نزاهة مولاي الحسن التي تم إحداثها سنة 1913 ، ثم أُعيد تشجيرها بأمر من الملك الراحل محمد الخامس طيب الله ثراه سنة 1957.
وعلى ذكر هذا الأخير، فهو المؤسس لهذا المهرجان سنة 1959 والذي خلع عليه رعايته لتستمر في عهد الملك الراحل الحسن الثاني الذي عرف بحبه للفنون الشعبية المغربية واطلاعه الواسع على أنماطها وطقوسها. ولا زال هذا المهرجان يحظى بنفس الرعاية والاهتمام من لدن الملك محمد السادس. وكانت تنظمه في البداية وزارة السياحة قبل أن تشرف عليه جمعية الأطلس الكبير بتعاون مع وزارة الثقافة لحد الآن. وفي دورته الأربعين سنة 2005 تم اعتبار المهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش من طرف منظمة اليونيسكو تراثا إنسانيا ثقافيا لا ماديا. كما يُعد أقدم مهرجان فني ثقافي مغربي يكفي أنه تجاوز نصف قرن من عمره.
أخرج سهرة المسرح الملكي في حلة شيقة حسن هموش خريج المعهد العالي للفنه المسرحي والتنشيط الثقافي بمساعدة المسرحي محمد بلمقدم كمخرج مساعد، بمعية المؤلف والمخرج المسرحي بوسرحان الزيتوني كمدير إنارة، والذي وظف خبرته الطويلة في حضن أب الفنون، فشكل فضاء العرض بكامله في الركح كما في مدرج الجمهور بتلوينات إضاءة أضفت على المشهد السمعي البصري رونقا فرجويا ممتعا.
قبل بث ربورتاج بالصوت والصورة عن هذه السهرة الشيقة عبر قناة “نورس البريجة” فيما يلي عرض بأسماء المجموعات الشعبية التي توالت على خشبة المسرح الملكي، في تناسق بديع يزكي التنوع الفني الشعبي المغربي والذي أعتقد جازما أن لا بلد عربي شقيق أو صديق يضاهي المغرب في هذا الرافد الفني الزاخر كما ونوعا:
أحواش تيسنت – آيت حديدو – الرّگادة – حوزي مراكش – أحواش تافراوت – گناوة مراكش- گناوة عبد الصمد – أگلال – عبيدات الرما – اولاد سيدي احماد موسى – الدقة المراكشية – تيسكوين – هوارة – الركبة زاگورة – أحيدوس عين عرمة – أحيدوس تيغسالين – نسوة إيمنتانوت (موسيقى الحلي) – الركبة السيوف – أحواش قلعة مگونة – رقصة الگدرة گلميم.