نورس البريجة: خالد الخضري
1- الإنسان فبل أي اعتبار
جملة “ناضي كندي” التي يطلقها المغاربة على أي قول محبوك الصياغة، أو حدث متميز، أو فعل متقن الصنع، عبارة ناجعة وفي محلها حتى دون أن يدرك قائلوها علاقتها بنظام / أنظمة الدولة المنسوبة إليها
لكن من تكتب له الإقامة بكندا ولو لمدة وجيزة تعادل مثلا شهرا واحدا كما حدث معي، يعاشر فيها قومها ويتعايش مع مناخها الطبيعي، السياسي والاجتماعي، سيلمس أن نعت “كندي” يحيل على الدقة، النجاعة، النظام، النظافة واحترام الغير جارا كان أم عابر سبيل، الإنسان بصفة عامة. هنا – بكندا طبعا – تشعر بإنسانيتك التي تجعلك دون أن تدرك ذلك، تعامل كل من تصادفه بإنسانية وإن كان مجرد طائر أو حيوان.
في الشارع، في المنتزهات العمومية، في المقاهي والمطاعم، في جميع المؤسسات وفي ملاعب الأطفال والأسواق التجارية، المهم في أي فضاء تصادف فيه قاطنا كنديا – حتى ولو لم يكن مواطنا أصليا – يبادرك بابتسامة قبل التحية. حتى في ملاعب الرياضة حيث تصادف من يتمشى، أو يركض أو يمتطي دراجة، أو يقوم بنزهة لكلبه، يتوقف ليبتسم إليك على الأقل إن لم يتلفظ بعبارة صباح أو مساء الخير Good morning -Good evening فلا تملك إلا أن تبادله إياها قبل أن تصبح أنت أول من يلقيها. فهنا أنت لست مطالبا أن تعاشر هؤلاء القوم أربعين يوما لتصبح مثلهم، بل تكفيك فقط أربعة أيام متى عرفت كيف تتأقلم مع مناخهم وتحسن السلوك والتواصل بينهم.
2 – كبير دكالي ناضي كندي
كل إنسان يمنح هنا اعتبارا يليق بالدرجة الاولى بسنه بغض النظر عن جنسيته أو ملته او منصبه او لون بشرته، فإن كانت للأطفال مكانة جد مهمة من حيث العناية والاهتمام، فلكبار السن أيضا مكانة تقدير واعتبار مادي ومعنوي، فالمتجاوزون لسن 65 غالبا ما تترك لهم الاسبقية في الصفوف كما في الجلوس بمقاعد حافلات النقل العمومي والميترو والتي يرتادونها مجانا يومي الأحد والأربعاء، كما يستفيدون من تخفيضات مهمة في عدد من المؤسسات ضمنها دور السينما حيث تصل نسبة التخفيض 30 في المائة. يسمي الكنديون هذه الفئة Senior . وترجمتها الحرفية: “الكبير” وهي تسمية إنجليزية طبعا. فأنا بالتالي أستحق لقب: “كبير دكالي ناضي كندي”
(يتبع)