نورس البريجة: خالد الخضري
من أجمل سلوكات الطريق بكندا، إعطاء الأسبقية المطلقة للراجلين ومستعملي الدراجات، حيث تقف السيارة أو الشاحنة من بعيد لتفسح لك السبيل متى كنت على رجليك أو ممتطيا دراجة، وخصوصا متى كنت تمسك بيد طفل أو امرأة طفلة كانت أم شابة أم عجوزا.
وإذا حدث أن صادفت رجلا أو امرأة يتجول بكلبه في نزهة ببعض الفضاءات باختلاف تنوعها، فإنه يقف ملجما كلبه لصق رجله حتى تمر، وكأنه يقول لك:
– تفضل، فلا أمان في الكلاب.
كما تجد عبارة: “احترس من الكلاب” معلقة في مداخل أو حدائق بعض المنازل التي يتوفر سكانها على كلاب، حتى ولو كانت مربوطة بسلاسل قوية والكلاب مجرد جِراء صغيرة.
إلا أن هناك خاصية يمتاز بها الكنديون، قد تبدو للبعض مذمة وهي أنهم كثيروا الوشاية، والمغاربة القاطنون هنا يتندرون بأن الشعب الكندي هو شعب مخبر (بر گاگ) بمعنى أنه يبلغ عن أية مخالفة أو عن أي سلوك لا أخلاقي أو لا إنساني بصفة عامة لمصالح الأمن، حيث يتلفنون لها بسرعة فتحضر بأسرع ما يتوقع المتصل لمعاينة موضوع البلاغ وبالأحرى متى كانت شكاية.
فمثلا إذا تركت حاوية النفايات بدون غطائها، وأحرى وأقبح متى رميت جزءا منها في الشارع، أو أطلقت كلبك من رسنه، فقبل أن تلتقطه تحضر الشرطة والبقية لن تعرفها إلا في مخفرها. أو إذا أهملت شفط الثلوج في فصل الشتاء من أمام مدخل بيتك بطريقة تقي من التزحلق، وحدث أن حل عندك أي زائر كساعي البريد مثلا أو جار جاء يسألك شيئا ما وتزحلق ساقطا إلى الأرض، فقد لا يكتفي بالتبليغ عنك بل بإمكانه متابعتك قضائيا مطالبا بتعويض عن الضرر الذي أصابه حسب القانون الكندي، هذا التكييف الذي يسميه القانون المغربي: “مسؤولية حارس الشيء أو الحيوان” لكن هل يتم تنفيذه؟؟.
أخبرني صديق مغربي يقيم هنا بأوطاوا أنه مرة قام بعملية تغيير زيت محرك سيارته في مرآبه، فإذا بصاحب المنزل يباغته – تبعا لمكالمة هاتفية من جار له – ليسأله أين رمى بالزيت المحروق لأنه يمنع رميه في حاوية الأزبال، فهناك محلات خاصة بتغيير الزيوت التي تجمع في برامل تقوم شركة بشرائها لإعادة تنظيفها وتصنيعها من جديد. كما أن هذا الفعل يحمي الطبيعة من التلوث.
فبالتالي كل مواطن بقدر ما يحترم جاره يخافه فلا يفكر حتى في مجرد إيداءه. كما أن أي جار أو إنسان بصفة عامة يلاحظ فيبلغ لا يفتري، إذ أن الشرطة تسجل رقمه وتعرف مكانه من خلال هاتفه، فأول شيء تقوم به هو التأكد من أن الوشاية ليست كاذبة فلا أحد يظلم أحد، فقط:
– احذر أن تظلم نفسك.
أليس هذا سلوك “ناضي كندي” ؟
(يتبع)