حصرياتفن وثقافةمجتمع

“مهرجان الخيل والخير”

"هاكي الحلاوة وتابعتك تْداوَى"


نورس البريجة: خالد الخضري


مهرج المحرك

من أيقونات “محرك” التبوريدة في معظم المواسم الشعبية المغربية، رجل غالبا ما يكون شيخا سبعينيا فما فوق يمكن أن ننعثه ب “مُهَرِّج المَحْرك”. وقد جسده في مهرجان “الخيل والخير” احمد الدكالي (76 سنة) من قبيلة بني هلال حيث كان يرمي – بعد كل “تخريجة بارود” خصوصا متى كانت منسجمة – بعمامته إلى أعلى صائحا بانتشاء قبل أن يلتقطها ويضعها أرضا، ثم يجثو على ركبتيه شارعا في تقليد المرأة وهي تدلك العجين تحت ضحكات وتصفيات الجمهور.
ما ميز هذا الرجل أنه كان – سواء منحه بعض أفراد الجمهور نقودا أم لا – يوزع قطع حلويات على الأطفال الصغار وعلى النساء وهو يدعو لكل واحدة: “هاكي الحلاوة وتابعتك تْداوَى”
 الطعام لكل فم
شهدت الدورة الثانية لمهرجان الخيل والخير باولاد غانم هذه السنة، إطعام جميع الخيالة ومساعديهم كما عدد من ضيوفها، من طرف ساكنة المنطقة، حيث تنافست على ذلك عدة دواوير بإعدادها لقصعات من الكسكس المغربي تفننت كل خيمة في تشكيلها وتزويقها بمواد غذائية مختلفة جمعت بين الخضر والفواكه الجافة والبصل والزبيب (التفاية) والبيض المسلوق وفنيد المگانة (الساعة) واللبان ( العلك) زائد اللحم أو الدجاج بطبيعة الحال.
كان عدد القصعات التي يتم إنزالها يقارب 100 يوميا قصعة بما يكفي لتغذية أكثر من 500 شخص الشيء الذي ذكرني بمسرحية توفيق الحكيم الشهيرة “الطعام لكل فم”.
الدواوير المنتمية لمنطقة اولاد غانم وتفضلت بإطعام ضيوف المهرجان في اليوم الأخير الذي حضرته حسب تصريح صديقي السيد عبد الكريم رزقي هي: دواره أولا: لعزيزات، اولاد رحو، الفاضلة، الرگاگدة، الغرباويين، العيايطة، لعرابات، الملالحة ثم العشيشات. دون أن يمنع هذا خياما ودواوير أخرى من القيام بهذا الضيافة التطوعية مما هو معروف عن دكالة بسخائها وكرمها – إسوة بسائر المغاربة – من حيث مشاركتهم ودعمهم لجميع الأحداث الجماعية سواء كانت أفراحا كالمواسم والأعراس وحملات التوعية، أو أتراحا كالمآتم والجنازات والكوارث الطبيعية.
 ابن الوز طيار
حدث ثاني ميز اليوم الأخير تجسد في مشاركة أصغر فارس عمره 5 سنوات ونصف، والذي ظل يتبختر في محرك الخيل بزهو وثبات تحت زغاريد النساء وتكبيرات الرجال بلباس الفرسان التقليدي الكامل: (جبة وبلغة زرقاوتين، سروال قندريصي، عمامة وتشامير أبيض) ممتطيا سرجا أخضر مزخرفا بالصقلي الأصفر، على متن صهوة فرس أدهم جميل. ذاك هو الطفل يحيى حفيد السيد المالكي مقدم أو علام سربة مولاي عبد الله التي تضم ابنه أحمد – والد يحيى- كفارس.
الشيء الذي يؤكد أن فن التبوريدة لدى المغاربة ليس فقط رياضة تورث، ولكنها تولد مع أبناء وحفدة الفرسان والخيالة لتجري وتكبر معهم وفي دمهم. ويحيى لم يكن فقط يبدو ممتطيا لفرس، بل كان يبدو محلقا فوقه.

Related Articles

Back to top button