حصرياتموسيقى

أيقونة العيطة بالجديدة تغادرنا في صمت

الفنانة الحاجة سعاد

 نورس البريجة: خالد الخضري

 عن سن 84 سنة غادرتنا وفي صمت رهيب أيقونة العيطة بالجديدة، الفنانة الحاجة سعاد التي تعتبر واحدة من أهم الفنانات الشعبيات الجديديات وأشدهن عراقة في فن “تشياخت” بمفهومه الحرفي الأصيل، هي الفنانة الشيخة السعدية حاجي المعروفة ب “الحاجة سعاد” والتي كان لمهرجان الأيام السينمائية لدكالة بالجديدة شرف تكريمها في دورته الخامسة سنة 2016  إلى جانب فناين آخرين على رأسهم الممثل محمد الشوبي. تقديرا منا لقيمة هذه الفنانة الكبيرة ولما منحته لفن العيطة خصوصا والفن الشعبي عموما لمدينة الجديدة ولحاضرة دكالة، نقدم لعشاقها وللمهتمين ككل هذه الورقة التعريفية بها وضمنها مقتطفات من الحوار الذي أجريته معها قيد حياتها رحمها الله.

1 – “ما تْعلّم الشِّيخة غير الشيخة”

هي السعدية جادي بنت كبور والتايكة العبدية الأصل وإن لدت بالدار البيضاء سنة 1940. أينع اهتماها بالغناء الشعبي منذ نعومة أظافرها، فكانت تغني وترقص في المناسبات الخاصة وحفلات العائلة والجيران إلى أن اكتشفتها الفنانة الشيخة خدوج الزّرُّوقية في حفل عقيقة (اسبوع) أحد الأقارب فعرضت عليها الاشتغال معها. وفعلا التحقت الفنانة السعدية – وكان عمرها آنذاك 25 سنة – بفرقة أو “رْباعة” خدوج الزّرُّوقية بالدار البيضاء لتنهل من يديها أصول “تشياخت” بقواعدها الصارمة حيث قالت الفنانة سعاد:

(( كانت الزّرُّوقية الله يرحمها توقفني بجانبها لترهف السمع لأدائي ونقر أصابعي على الطعريجة، فتوشوش في أذني بحزم متى رأت خللا في إيقاعي منبهة: “أيواي، لبْسي الماعون”.. يعني: تحكمي في الإيقاع )).

فتعلمت الحاجة سعاد الشيء الكثير من الزروقية مؤكدة أنه: ((ما تعلم الشيخة غير الشيخة، وما يعلم الشيخ غير الشيخ)).

2 – الحاجّة بدل سوسو 

يسعى كثير من الفنانات في مستهل مسيرتهن الفنية ومع أولى تباشير الشهرة والنجومية، إلى تغيير أسمائهن سواء بتغييرها كليا أو بتعديلها، بحثا عن لقب أو اسم فني، فالمسماة زبيدة مثلا تصبح زيزي، ونبيلة أو نسيمة أو نجمة تصبح نونو وهكذا. إلا أن السعدية جادي لم تنهج هذا السبيل فلم تتحول إلى سيسي ولا إلى سوسو بل لم تسع قط لتغيير اسمها، وإنما فقط قامت بمناسك الحج سنة 1972 فتحول اسمها تلقائيا إلى “الحاجة سعاد” وظلت فخورة محتفظة به طوال حياتها.

بُعيد عودتها من الحج واستمرارها في عملها، شاهدها واحد من أهم شيوخ وفناني العيطة بالجديدة ودكالة قاطبة، هو المرحوم بلهاشمي، فأدمجها في “رباعته” لتشتغل معه مدة 7 سنوات بالدار البيضاء بداية، ثم في الجديدة إلى أن رآها فنان آخر لا يقل شهرة ومكانة  ألا هو المرحوم امْحمد ولد العُمرانية الذي تزوجها وظلت تشتغل معه لمدة 25 سنة إلى أن انتقل إلى رحمة الله.

فبصحبة ولد العُمرانية رسخت الحاجة سعاد اسمها ومكانتها وكسبت شهرتها مكونة معه ثنائيا شهيرا ومنسجما في مدينة الجديدة ودكالة برمتها،  حيث سجلت معه الكثير من الأغاني والعيوط  والبراويل على متن الأسطوانات السوداء (45 لفة) كما الكاسيط. بحنين عارم تتذكر الفنانة الحاجة سعاد زميلاتها وزملاءها الذين دعموها واشتغلوا معها ضمن رباعة ولد العمرانية وغيرها وهم كثيرون من أبرزهم: خدوج البيضاوية – الزوهرة  القنيطرية – ومن الجديدة وديعة بنت الشطاطبي –  فاطمة بنت العطار- نعيمة القصيورة – الشيخة الخوضة – وحبيبة الزمورية.

أما من الرجال فتذكر: العواد الفنان ولد ابن الرحيلية، و(كوامانجيَيْن)عازفَيْ كمان من آزمور هما المرحوم بوشعيب الستاتي والفنان الهاشمي أطال الله عمره. ثم عازفِي الإيقاع: عبد الله ولد جامع، عبد القادر فريطل وبوشعيب الطويري.

من الفناين الجديدين الذين اشتغلت معهم أيضا زيادة على مكتتشفها الشيخ بلهاشمي وزوجها ولد العمرانية، تذكر: الشيخ الموتشو، بوشعيب ولد الطالب، فتاح الخيالة، الشيخ المغاري الجفري، مجموعة اولاد الحلوي، وغيرهم.

3 – دخلنا البيوت وخرجنا، ودخلنا القلوب فلم نخرج 

تخصصت الفنانة الحاجة سعاد بحكم ولادتها ونشاتها الأولى بمدينة الدارالبيضاء في العيوط المرساوية التي تنتمي إلى “مرسى” هذه المدينة، وهي التي أبدعها بالخصوص المرحوم الفنان بوشعيب البيضاوي بطريقته المعتمدة على تبسيط المصطلحات العبدية وتخفيف أوزان عيوطها وإيقاعاتها. ومن أشهرها:

(خربوشة) – (كبّة الخيل) – (الحدّاويات)- (الغزال) – (الكافرة غدرتي) – (الشاليني) – (السعَيْدي) إضافة إلى مقطوعات خفيفة تسمى البراويل أو الأبيات المتناثرة التي لا تجمع بينها سوى القافية دون وحدة الموضوع وتسمى أيضا “الحًبْ الزعري” جمع حبّة.

الفنانة الحاجة سعاد ورغم بلوغها سن 76 واعتزالها سنة تكريمها 2016، استمرت تمتلك صوتا شاديا وظلت  تغني به في بعض المحافل والمناسبات الخاصة، محافظة على الأصول والقواعد التي تُلزم الشِّيخة الحقيقية والتي هي حسب رأيها كما صرحت بالحرف:

((الأدب، التْمارة، الرْزانة، تَطْواع الماعون ومنطق اللسان. فالشيخة النزقة أو الخفيفة لا تدخل القلوب حتى وإن دخلت البيوت فلا تمكث بها ولا تستمر في المهنة. ونحن ولله الحمد دخلنا البيوت والدور الكبيرة، دور عائلات وشخصيات وازنة في المجتمع ومن مختلف الفئات. كما دخلنا قلوبهم ولم نخرج)).

فيما يلي روبرطاج تكريم الفنانة الشيخة سعاد في الدورة الخامسة لمهرجان الأيام السينمائية لدكالة بالجديدة سنة 2016 حيث غنت بشموخ رفقة مجموعة اولاد الحلوي:

 

 

 

 

 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button