سينما

“نوار لعشية” جمالية حزينة لأموات لا يدفنون

إنتاج مشترك ندر من تعاطاه

نورس البريجة: خالد الخضري

(نوار عشية) فيلم روائي تونسي طويل لعب بطولته الممثل والموسيقي المغربي الفنان يونس ميگري، من إخراج خديجة لمكشر وإنتاج كريم مُصلح، داخلوا به المسابقة الرسمية في الدورة 45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي المنعقد حاليا بالقاهرة، حيث أتقن يونس الهجة التونسية كما تقمص دوره بأسلوب احترافي مقنع.

1 – البحر وحوريته بطلان

ورد بملخص الفيلم: “يبحث دجو (يونس ميگري) مدير صالة ملاكمة في حي هلال قرب تونس العاصمة، عن بطل يتدرب في صالته القديمة، فيعثر على يحي الذي يظهر مهارات فطرية في الملاكمة. لكن هذا الأخير يبحث عن حلم آخر: هو الهجرةغير الشرعية”

من خلال الملخص يبدو المحور العام للفيلم الذي هو الهجرة غير الشرعية عبر البحر أو ما يطلق عليها بالدارجة المغربية” الحريگ” وبالتونسية” الحرگة” عالجتها خديجة بشاعرية أقل ما يقال عنها إنها حزينة وإن غلف كثير من مشاهدها بجمالية البحر وترادف أمواجه بين المد والجزر في أوقات متباينة، في الليل الدامس كما المقمر، وفي أوقات الغسق كما الفجر، حيث تتناسل الحكايا في محاولات يائسة للمدرب “دجو” لثني يحيى عن عزمه بتلك الرحلة /المغامرة، في الوقت الذي ابتسم له الحظ وكسب مباراة مهمة في الملاكمة على المستوى الوطني، لاشيء ولا أحد يمكن أن يمنعها من أن تصبح دولية فيما لو استقر بوطنه وتابع تمارينه. لكنه بعناده يصر على “الحريگ” موصيا مدربه بأن يدفنه جنب “نوارة العشية” في الوقت الذي سيدلف فيه لحلبة الملاكمة وكأنه كان متيقنا من وفاته أكثر من نجاته. فيغرق بالفعل دون أن تخرج جثته. حينها يجبر “دجو” صاحب القارب للعودة لمكان الغرق ليخرج الجثة، ويعيدها ثم يدفنها في مقبرة تطل على البحر بجانب زهيرات العشية كما أوصاه يحيى، فيغطى قبره بقميص يحمل صورة حورية البحر التي كان يحلم أنها ستنقده.

2 – الأموات أكثر من السمك.

وهكذا و “كنوارة العشية” التي تولد مساء وتموت في الفجر ” يموت يحيى في عز الليل الذي حقق فيه ذلك الفوز ، ليوجه الفيلم رسالة أخرى وهي عقدة الدفن لدى المسلمين والعرب بصفة عامة، بحكم أن كثيرا من الحراكة لا يدفنون بعد غرقهم مما يخلق غصة في نفوس أهاليهم. وقد صرحت المخرجة أنها شاهدت بنفسها أمهات وزوجات يقفن في شاطئ البحر يقرأن الفاتحة طمعا – لا في عودة أحبابهن أحياء – لكن على الأقل أمواتا ليتمكنوا من دفنهم. وينتهي الفيلم بعبارة تؤكد هذا الطرح:

“إلى أرواح المفقودين في البحر الأبيض المتوسط” وهذا ماصرخ به “دجو” معاتبا قبطان القارب الذي أقل يحيى: “البحر رديتوه جبانة، الموتى فيه أكثر من الحوت”

3- إنتاج فني مشترك

في سؤال شخصي للفنان يونس ميگري عن ملابسات كتابة جملة “منتج مشارك” في جينريك الفيلم؟ رد بأنه إنتاج معنوي أو بالأحرى فني، حيث “سبق أن تحدثت معي المخرجة و المنتج السيد مصلح عن إمكانية المشاركة في عمل سينمائي تونسي منذ 20 سنة، وعندما اقترحت علي خديجة بطولة هذا الفيلم وبعثث إلى بالسيناريو، راقني فوافقت على الفور متنازلا عن أجري كممثل”. وبالفعل أتقن يونس دوره كبقية الممثلين تحت إدارة محكمة، مما يذكرنا بتجربة مماثلة للممثل المصري الراحل جميل راتب في فيلم (شيشخان) لمحمود بن محمود، والذي تعلم وأتقن بدوره اللهجة التونسية إلى جانب الممثل التونسي فتحي الهداوي. فهذه المشاركة الفنية للممثلين من جنسيات مختلفة يمكن اعتبارها بشكل أو بآخر مساهمة في الإنتاج المشترك الذي طالما نادى بها السينمائيون العرب. لكن قل من غشيه من طرفهم.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button