نورس البريجة: خالد الخضري
1 – زقاق لا يسمح بمرور شخصين
توجد هذه الزنقة بالحي البرتغالي بالجديدة والذي يسمى ب “الملّاح”، بالضبط في مدخله على اليمين حين تعبر الباب مخترقا شارع محمد الهاشمي باحباح، حيث لا تقطع سوى حوالي 40 مترا إلى أن تتجاوز ثاني “بازار” لبيع المواد والأدوات التقليدية، فتنعطف على يمينك في الزقاق رقم 14. تتمشى فيه حتى متمه – حوالي 15 مترا – لتلج مباشرة هذا الزقاق العجيب على يسارك بطول 12 مترا وبعض السنتيمترات. أما عرضه فيبدأ في مقدمته بمتر ليضيق في الوسط بين 60 و 70 سنتمتر. وينتهي بها في الزقاق رقم 11. وبالتالي لا يمكن أن يمر منه إتنان واحدا جنب الآخر دفعة واحدة نظرا لضيقه. وإذا صادف أن ولجه شخصان من الجهتين المتقابلتين، ما على أحدهما إلا أن يتراجع أو يلصق ظهره على الحائط حتى يعبر الآخر. أما الحائطان اللذان يؤطران هذا الزقاق فمرتفعان فيما لا يقل عن 40 مترا علوا، مما يجعل الزقاق بكامله يبدو وكأنه ممر سري أو دهليز في معبد أو هرم فرعوني.
يفضي هذا الزقاق الغائر إلى الآخر الحامل لرقم 11 لصق ضريح الولي الصالح “سيدْ البطّاش بوشاقور”. ومعروف ب “زنقة سِيدْ البطاش” الذي أجمع معظم من سألت من سكان الحومة عنه، أن ضريحه الصغير المطلي بلون برتقالي مخضب بلطخات من القطران الكالح، وله باب من الصفيح الأسود، يُفتح مرة واحدة كل عام، ليلة 19 من كل رمضاء لتقام فيه وبجنباته الأذكار والأمداح النبوية ويرتل القرآن الكريم، نظرا لصغر حجمه (متران مربعة).. “كيخَرْجوا فيه السلكة ” قالت امرأة. ويقوم الجيران بتموين “الطُّلبة” والمادحين كما الزوار بصحون وقصعات الكسكس طيلة الليل، حيث يستمر الذكر والتراتيل والأمداح حتى فجر اليوم التالي.
حكت امرأة مسنة عن سِيدْ البطّاش أنه كان فقيها يُعلِّم الصبية القرآن الكريم في حانوته الصغير هذا حيث كان يقيم – والذي سيتحول إلى ضريح له فيما بعد – إذ كان الرجل ورعا، تقِيا، تنبأ بيوم وفاته مخبرا سكان الحومة بذلك، طالبا منهم في نفس الوقت أن يدفنوه في “المسيد” أو “الجّامع” الذي يُدرِّس، يتعبد ويعيش فيه. وفعلا في اليوم المعلوم يُحكى أنه اغتسل وتوضأ وعاد لدكانه ليصلي ويموت في يوم الجمعة 19 من شهر رمضان، الشيء الذي جعل مكانته تسمو لدى سكان الحي البرتغالي برمته فبادروا بدفنه في نفس المكان. واستمروا يخلدون ذكراه ويترحمون عليه بالطقوس التي ذكرت في ليلة هذا اليوم من شهر رمضان عاما بعد عام وجيلا بعد جيل.
2 – فقيه مُعلِّم ومجاهد
يؤكد هذه المعلومة السيد عبد الكريم البركاوي – المكلف بالضريح نقلا عن والده وجده – مضيفا أن حرفة تدريس القرآن في ذلك المسيد / الضريح حاليا، كانت فقط ذريعة أو حيلة يتخفى بها الولي “سيدي امحمد البطاش بوشاقور” اتجاه البرتغاليين حيث إن الرجل كان مقاوما يهاجم هؤلاء من حين لآخر بساطوره ثم يسرع للاختباء في دكانه متابعا عمله كمدرس للقرآن الكريم للصبية قصد التمويه على أعدائه.
لمزيد من المعلومات برجي مشاهدة هذا الروبرتاج عبر الرابط التالي: