نورس البريجة: خالد الخضري
1 – تيط نفطر = عين الحياة
”تيط نفطر” لفظة أمازيغية على غرار أسماء الأماكن القديمة في المغرب وهي مركبة من “تيط” ومعناها (عين).. ثم “فطر” ومعناها (الطعام) وقد عربت بدورها فصارت تعرف باسم “عين الفطر”.. كما أن لها اشتقاق من اللغة العربية وهو “انفطر” الماءُ ونبع. ويقال إن سبب هذه التسمية يرجع إلى وجود عين ماء كان جد مولاي عبد الله الشيخ إسماعيل بن محمد المدعو أمغار، أول من نزل من الأمغاريين ليتوضأ ويشرب منها وكان ذلك في القرن الخامس الهجري(ق 11 م) كما مر معنا. ويفهم مما أورده عبد العظيم الأزموري عن “تيطنفطر” الأمغارية أن المكان الذي اختطت فيه كان “غيظا لا عمران فيه، وأنه كان مغطى بالأشجار الغابوية. كما يفهم من نفس المصدر أن ذلك المكان كان موحشا”.
لا تزال هذه العين لحد الساعة تنبع من بين صخور بحر مولاي عبد الله في مواجهة الضريح غير بعيد عن مَحْرك الخيل وبالضبط أمام أحد مداخل أو أبوابه الثلاثة: “باب دكالة”.. المدخلان الباقيان يحمل أولهما اسم “باب البارود” والثاني “باب العلّام”. يستحم في هذه العين الكبار والصغار في حالة الجزر، كما تغسل بجوانبها نساء القرية الملابس والأغطية. أما منبعها الأصلي فيوجد في بئر لصق ضريحَيْ أبي جعفر سيدي إسحاق ثم ولده مولاي عبد مولاي الله المدفونين جنب بعضيهما حيث توجد خلوة الشيخ إسماعيل أمغار كما أسلفنا.
2 – حوريات مولاي عبد الله
لازال كثير من الناس يعتقد بكرامة ”تيط نفطر” بفضل مياهها العذبة التي تنفجر وسط الماء المالح، لذا لُقبت ب”عين الحياة”. وبالجديدة أسر كثيرة تحمل هذا اللقب. ويسمونها ب”المُحݣن” وهو عبارة عن صهريج صغير من الحجر أو تجويف صخري، عادة ما تجمع فيه مياه المطر أو البئر وحتى العين لترتوي منه الطيور والدواجن والدواب، والكلمة مشتقة من اللغة العربية”المِحقن”.
وبالفعل في شاطئ مولاي عبد الله بين الصخور هناك تجويف بين الصخور “ينفطر” منه ماء زلال أشد عذوبة من المياه المكررة. ومن أكثر الناس إيمانا بكرامات هذه العين، النسوة اللواتي ينشدن رمي”تابعة” عنهن، فتجد رهطا منهن يهبن إليها في الصباح الجد مبكر ليغتسلن عاريات بمائها، ثم يرمين بأمشاطهن وملابسهن الداخلية وراءهن إلى ماء البحر دون التفات إلى الخلف للتخلص من النحس الذي علق بهن فعاق زواجهن أو أخر رجوع حبيب أو ما شابه. وأحيانا تكون هذه فرصة ذهبية لبعض شباب القرية الذين يعرفون بهذه”الاحتفالية” الصباحية أو “بركة الولي الصالح” فيختبئون بين الصخور المتاخمة للعين للتفرج على “حوريات بحر مولاي عبد الله” اللواتي يستحممن بمائه غير بعيد عن خيوله التي تغتسل بماء البحر بدورها استعدادا ليوم حافل بالركض و”التبوريدة”. كان يحدث هذه في زمن مضى، أما الآن فلا زال النسوة يستحممن بها دون أن يخلعن بثيابهم ولا اعتقاداتهن بطرد النحس والعين وجلب الخير والبركة.