نورس البريجة: خالد الخضري
كنا نسميها فاطمة “السوليما أو فاطمة “زينة التبسيمة” مهنتها كانت، إرشاد ومساعدة المتفرجين إلى مقاعدهم في القاعة السينمائية خصوصا حين يتم إطفاء الأضواء فيعم الظلام في الصالة، حيث تستعين بمصباح يدوي تدل به أفراد الجمهور إلى أماكنهم، فكنا نسميها “مولات البيل” وزميلها الذي يقوم بنفس العمل “مول البيل” فهي Placeuse وهو Placeur.
إنها السيدة فاطمة الهايج التي اشتغلت ولمدة تجاوزت 30 سنة بهذه الصفة في قاعة سينما “الريف” بالجديدة حيث كانت الابتسامة لا تفارق شفتيها، لهذا أطلقنا عليها لقب “فاطمة زينة التبسيمة”. هذه الابتسامة التي لا تزال تنير محياها إلى الآن.
ولدت امّي فاطمة بحي سيد الضاوي بالجديدة سنة 1941 من والدها موسى بن عبد الله بن علال الهايج.. أصله من آيت باعمران، وكان يلقب بموسى “الشّيفور” لأنه كان يشتغل سائقا في حافلة نقل الركاب لصاحبها بوشتية” في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي. والدتها هي خديجة بنت علي العبدية تقول إن لها قرابة بالقايد عيسى بن عمر الثمري.
وفي مستهل ستينيات القرن الماضي التحقت بسينما “الريف” لتعمل كمرشدة المتفرجين لمقاعدهم. هذا العمل الذي كانت تكسب به عيشها بشكل محترم حيث كانت الإكراميات التي تتناولها من الزبناء تتراوح ما بين 20 سنتيما وخمسة دراهم – كان ذلك في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي- فكانت كل أسبوع تدعو صديقاتها للخروج في “عْراضات” ونزهات على حسابها. وكانت أسعار الدخول لسينما الريف: درهمان بالنسبة للشرفة Balcon – درهم ونصف بالنسبة للدرجة الأولى Premier- و 85 سنتيما بالنسبة للدرجة الثانية Seconde.
تزوجت أمي فاطمة سنة 1960 ورزقت بابن واحد هو مراد الذي يشتغل بالدار البيضاء بينما هي تعيش وحيدة في رقم 29 زنقة موريطانيا بالجديدة قرب حي سيدي الضاوي حيث تزورها من حين لآخر وبشكل متقطع شقيقتها السيدة فاطنة كما ابن اختها مصطفى وابنها طبعا. حجت امّي فاطمة سنة 2003. وهي حاليا متقاعدة بدون أجرة ولا ضمان اجتماعي أو رعاية صحية. من بين زملائها الذين تذكر امي فاطمة ممن اشتغل معها بسينما الريف: السيد موسى الزعري (أبا موسى) الذي كان يقوم بنفس عملها (مول البيل) – الحاج عبد السلام (شباك التذاكر) عبد العزيز بنكيران (تقطيع) التذاكر أمام الباب – السيد احمد التيجاني (مشغل آلة عرض الأفلام ( (Machiniste – أبا حسّون (بائع الكسكروطات). لم تتناول امي فاطمة يوما رشوة واحدة ولا باعت (لا نتراكت) أو سمحت لمخمور أو مشرد أو بإنسان متسخ بالدخول لقاعة السينما. لأن السينما بالنسبة إليها فضاء نظيف ومحترم لدرجة التقديس. ألم يقل الفرنسيون “عندما نحب الحياة نذهب السينما” ؟ Lorsqu’on aime la vie on va au cinéma
تقول هذا امّي فاطمة “زينة التبسيمة” التي لا تزال هذه الابتسامة تنير محياها.. كما لا تزالل مواظبة على الاستماع لفريد الأطرش ومشاهدة أفلامه على التلفزيون، بعد أن أغرمت بها في سينما الريف أيام الزمن الجميل.
لمزيد من المعلومات وللاقتراب أكثر صورة وصوتا من “امّي فاطة مولات البيل” ومن عالمها السينمائي الشيق، يمكن مشاهدة الحوار عبر الرباط التالي: