مباشرة من مولاي عبد الله – (1) أطفال الطحالب
أطفال في عمر الزهور يشقون من أجل 20 درهما في اليوم

نورس البريجة: خالد الخضري
في الوقت الذي يخيم فيه آلاف البشر من كلا الجنسين و مختلف الأعمار على امتداد ساحل البحر بموسم مولاي عبد الله (إقليم الجديدة) وفي جنباته، طلبا للمتعة والاستجمام والتمتع بمشهد البحر بين المد والجزر آناء الليل وأطراف النهار، مشنفين الأسماع بنغماته المتفاوتة بين الهسيس والهدير والزمجرة، هناك أناس يرمون بأجسادهم المسغبة والنحيلة وسط مياه نفس البحر لا سيما النساء والأطفال لجنى بعض فتاته من الطحالب والأعشاب لبيعها بأثمان جد بخسة لا تمثل حتى نسبة 5 في المائة من المجهود الذي يبدلونه لاقتطافها من بين تجاويف الصخور المسننة والأحجار الناتئة المذببة التي تجرح وتدمي الأقدام بمجرد الوطء عليها فما بالك بالمشي فوقها لمسافات طويلة وإن بأحدية بلاستيكية، بظهور منحنية وأفواه ظامئة لعدة ساعات.
آثار اهتمامي أمس من بين هؤلاء، منظر طفلين ما بين 12و14 عام ، جلسا أمام خيمتي فارتدى كل منهما فستانا نسويا (تحتية) لا شك أنها لوالدته أو لأخت أكبر منه، حزمها جيدا على بطنه حتى غدا يبدو تماما مثل فتاة. ثم نزل إلى البحر جنب نسوة أخريات وشرع يقطف الطحالب ويضعها في حجره على شكل رزمة يقوم بإفراغها على الصخر قبل أن يعود ليملأها من جديد.
حقيقة إنه لمشهد مؤسف وصادم لأن هذا الطفل مفروض أنه في عطلة دراسية كبقية زملائه، لكن الفقر والحاجة ألزماه بارتداء زي والدته والنزول للبحر لا للسباحة أو التمتع بمياهه المنعشة في قر هذا الصيف الحار، ولكن لاستخراج دريهمات شحيحة قد تستغربون إذا علمتم أنها بالكاد تصل العشرين في اليوم، إذ سألت امرأة مسنة تقوم بنفس العمل عن سعر بيع الكيلو من هذه الطحالب فأجابت:
- بدرهمين ونصف إذا كانت مبتلة، وبسبعة دراهم إذا كانت جافة؟!!
ثم سألتها عن كم كيلو تجمع وتبيع في اليوم بعد تجفيفه؟ ردت بحسرة:
– واش من فايدة يا وليدي، إلى جمعت كيلو أو لا جوج بالكثير ما گالها حد لحد!
هذه المرأة وذلك الطفل يشقيان من أجل حفنة دراهم بالكاد تصل 20 درهما في اليوم، في حين أن صاحب الشاحنة الذي يشتري منهم الأعشاب يبيعها بثمن يتراوح بين 40 و50 درهما للكيلو الواحد. والوسيط الذي يشتريها منه يبيعها لصاحب المعمل حيث يتم تصنيعها بما لا يقل عن 500 درمها للكيلو، ويعلم الله بكم يبيع هذا الأخير تلك الأعشاب بعد تصنيعها ؟ (هذه الأعشاب ذات قيمة غذائية عالية منها تصنع بعض الأدوية والبلاستيك والأسمدة والفيتامينات المكملة التي تباع في الصيدليات).
لكن في مسلسل كل هذا الفوائد الطبيعية والمكاسب المالية المتعلقة بهذه الطحالب، تبقى الحلقة الأشد ضعفا والعنصر الأكثر تضررا وخنقا لرزقه، هو نواتها الأولى، هي تلك المرأة العجوز.. وتلك الشابة المسغبة وهؤلاء الأطفال الأشقياء: أطفال الطحالب.