نورس البريجة: خالد الخضري
يرجع المؤرخون العلاج بواسطة الوخز بالإبر الصينية إلى أكثر من 4000 سنة بل إلى العهد الحجري، ومن ذلك الحين إلى الآن لازال الصينيون يتعالجون به إلى جانب التداوي بالأعشاب. كما فتحت له معاهد خاصة بالصين يقصدها الطلبة من كافة أرجاء العالم من بينهم المغاربة، حيث يقضون سنتين لتعلم اللغة الصينية ثم يشرعون في دراسته موازاة مع الطب الحديث لأن كلاهما يكمل الآخر، وللاطلاع على أهم مواصفات وفعاليات الوخز بالإبر اتصلنا بطالب مغربي هو عبد الكريم خليل يدرس بالسنة الرابعة في المعهد المذكور، فأحالنا بدوره على أخيه الدكتور امحمد خليل الذي تخرج قبله من نفس المعهد وفتح عيادة خاصة بهذا النوع من العلاج إلى جانب الطب العام بالدار البيضاء فكان الحوار التالي:
س : في البداية دكتور خليل، أرجو أن تقدموا لنا تعريفا شاملا عن التداوي بالوخز بالإبر الصينية وعن تاريخ ظهوره؟
ج: الوخز بالإبر طريقة صينية تعتمد وخز الجلد بوضع إبر خاصة في مواقع معينة من الجسد وتحريكها بكيفيات متنوعة لعلاج عدة أمراض، ويقترن هذا النوع من العلاج بطريقة أخرى تسمى “الكيبالميسم” التي تعتمد حرق أجزاء من النباتات الطبية على رأس الإبر الواخزة في الجسم، أو على سطح الجلد مباشرة قصد إيصال الحرارة لمنطقة معينة من الجسد. ويعتبر الوخز بالإبر والكي بالميسم جزأين هامين من الطب التقليدي الصيني إلى جانب التداوي بالأعشاب والتدليك أو ما يسمى بالضغط الإبري، والرياضة الصينية مثل “تشكونغ” وهي أنواع من الفنون العسكرية البطيئة وتعتبر رياضة صحية.
س: هل يمكنكم أن تفسروا لنا على أي أساس ترتكز نظرية الطب التقليدي الصيني وكيف يتم العلاج بواسطة هذا الوخز؟
ج : يعتبر الصينيون جسم الإنسان وحدة مترابطة مع نفسه ومحيطه، وأي خلل في جزء من الجسد ما هو إلا خلل في الجسد كله الذي يبقى معرضا لتأثيرات الكون الطبيعية كالعوامل المناخية والجغرافية والمكانية، ولا يكون سليما إلا إذا كان متوازنا مع نفسه ومحيطه. والأمراض ماهي إلا تعبير عن اختلال هذا التوازن الذي يرتبط بدوره بنوع خاص من الطاقة التي تنقسم إلى جانب إيجابي ويعبر عن كل ما هو حركي، حار ومشع إلخ، وجانب سلبي ويعبر عن كل ما هو جامد، بارد ومظلم. فرغم تناقض هاتين القوتين إلا أنهما تتواجدان في حالة توازن لا يمكنهما من استغناء واحدة عن الأخرى، وتتدفق هذه الطاقة في جسم الإنسان داخل مسالك دقيقة تكون شبكة من خطوط التصنيف يبلغ عددها 26 مسلكا، 24 منها رئيسية واثنان ثانويان، وكلها متعلقة بأجزاء ووظائف مختلفة بالجسم، كما ترتبط هذه المسالك بأخرى عميقة تصل إلى الأعضاء وتجرى فيها الطاقة كما يجري الدم بالعروق.
وهناك مراكز الطاقة المتحكمة على طول هذه المسالك في أماكن خاصة للغاية تسمى مواضع الوخز يبلغ عددها 365 موضع في كل نصف من الجسد، ويستعين الأطباء المبتدئون في العلاج بالوخز بجهاز إلكتروني للكشف عن هذه المواضع.
س: ماهي المراحل التي يمر منها العلاج بالوخز بالإبر وكيف يتم ذلك بالضبط؟
ج: يقوم الطبيب الممارس للوخز بفحص المريض وتشخيص دائه لمعرفة ما إذا كان يدخل في اختصاصه أم لا، معتمدا في ذلك على الوسائل العلمية الحديثة، ثم ينتقل إلى مرحلة الفحص بالطرق التقليدية التي تتمثل في استجواب المريض وجس نبضه وفحص اللسان لمعرفة ما إذا كان به نقص بإحدى الطاقات أو زيادة فيها، بعد ذلك يتم اختيار المسالك والمواضع المناسبة التي لها علاقة بالوظيفة المصابة، وتأتي المرحلة الأخيرة وهي تثبيت الإبر في المواضع المختارة وتحريكها دائريا أو بطرقة الدفع والجذب، أو يتم تنشيطها عن طريق الإثارة الكهربائية المتذبذبة قصد دعم الطاقة أو تشتيتها، ويراعي في هذه العملية نوع طاقة الجسم الزائدة أو الناقصة. تستغرق مدة الحصة من 15 إلى 30 دقيقة تتكرر عدة مرات وفي أيام متفرقة، وقد يصل معدل الحصص إلى عشرة كما قد تطول أو تقصر حسب نوعية المرض وتجاوب جسم الإنسان مع هذا النوع من العلاج، وهذه العملية غير مؤلمة ولا انعكاسات جانبية لها متى قام بها طبيب ذو خبرة بالميدان.
س: ماهي مجالات الوخز بالإبر بصفة عامة، أي الأمراض التي يمكن علاجها بواسطته؟
ج: هناك عدة أمراض تخضع للعلاج بالوخز بالإبر لكن توجد قائمة مبدئية حددتها منظمة الصحة العالمية وتضم:
- 1 – الجهاز التنفسي: التهام الجيوب الحاد، التهاب الأنف، البرد العادي، التهاب اللوزتين الحاد، التهاب شعبي حاد، ربو شعبي (أكثر فعالية بين الأطفال وغيرهم بدون مضاعفات)
- 2 – اضطرابات العينين: التهاب الملتحمة، قصر النظر بين الأطفال، الكاترالات أو السّاد (الجْلالة).
- 3 – اضطرابات الفم: آلام الأسنان، الآلام التالية للخلع، التهاب اللثة، التهاب البلعوم المزمن والحاد
- 4 – اضطرابات المعدة والأمعاء، الفوّاقة، الإمساك، الإسهال، الشلل المعوي
- 5 – اضطرابات عصبية وعضلية هيكلية: الصداع، الصداع النصفي، شلل الوجه، تعطل المتانة، البول الليلي، تيبس الكتف، عرق النسا، ألم أسفل الظهر، التهاب عظمي ، مفصلي، إلى جانب هذا هناك أمراض أخرى يمكن معالجتها بالوخز بالإبر أو التخفيف من حدتها كأمراض الحساسية، وبعض الأمراض النفسية كالانهيار العصبي والقلق والضعف الجنسي والأرق إلى غير ذلك.
- 6- كما يعتبر الوخز بالإبر أحسن طريقة للإقلاع عن التدخين والإرهاق، كما يستعمل في الطب البيطري وطب الأسنان والتجميل، وهناك أمراض عضوية يمكن أن يعلب فيها هذا العلاج دورا إيجابيا
إذا استخدم صحبة الأدوية المألوفة وفي بعض الأمراض الجرثومية مع المضادات الحيوية، ويكون دور الوخز الزيادة في مقاومة الجسم والتعجيل بالشفاء، وينحصر دور الطبيب الأساسي في تحديد صلاحيات الوخز بالإبر وآثاره.
فيما يلي ربورتاج خاص وحوار مع الدكتور امحمد خليل حول عن هذا النوع من التداوي وحول الطب الصيني التقليدي بصفة عامة: