سينما

حين يستحيي الجنس بين الزوجة والكلب

من فيهم الكلب؟

القاهرة: خالد الخضري

في إطار فقرة “الكلاسيكيات المصرية المرمَّمة” قدم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته 46 الحالية فيلم (زوجتي والكلب) للمخرج الراحل سعيد مرزوق – 1940 / 2014 – وهو أول فيلم روائي له سنة 1971من بطولة: سعاد حسني في أول تعامل له معها، محمود مرسي، نور الشريف، وحيد سيف، زيزي مصطفى، حسن حسين، عبد المنعم أبو الفتوح، شفيق محمود، وعبد المنعم بسيوني. إنتاج وتصوير عبد العزيز فهمي.
1 – “كما دتُدين تُدان”
يتزوج الرّايس مرسي ( محمود مرسي) حديثا من سعاد الشابة الجميلة (سعاد حسني) وتنتهي إجازته فيضطر إلى ترك زوجته وحيدة لمدة طويلة لكونه يشتغل في فنار بعيدا عن العمران. هناك وفي ظل الوحدة والفراغ، يجتمع مع زملائه في العمل يحادثهم ويسامرهم وضمنهم الشاب نور (نور الشريف) المحروم من النساء والذي يشعر برغبة شديدة نحوهن، فيخصه الرّايس مرسي وبنوع من الافتخار بحكاياته مع النساء وبالأخص زوجات زملائه الذين يخونهم معهن، الشيء الذي يلهب خيال نور ويزيده شوقا. وعندما تأتي إجازته يطلب منه الريس مرسي أن يسلم لزوجته خطابا لإحضار بعض الأشياء
وأن يطمئن عليها.
ينتهز نور الفرصة ويفكر في أن يقيم علاقة معها مبررا موقفه بخيانة مرسي نفسه لزملائه، لكنه عندما يقابل سعاد يشعر أنها امرأة فاضلة تحب زوجها كثيرا فيتراجع عن خطته، وهكذا يستحيي الجنس بين الزوجة ونور فلا يحدث. إلا أن مرسي يشعر بالندم لإرسال نور لزوجته ويتوقع أن تخونه معه، فيشعر طبعا بشعور أصدقائه الذين خانهم مع زوجاتهم فكما تُدين تُدان. يعيش في صراع رهيب وتتبدل أحواله، وعندما يعود نور يفكر في قتله لكنه يتراجع ويلمس من خطاب زوجته له أنها تحبه بالفعل وتنتظره علي أحر من الجمر، لكن الشك يكون قد فتك به والأفكار السوداء تملكته تماما، فيعيش حياته في جحيم نفسي دون أن يصل إلى الحقيقة.
2 – أربعة خامسهم كلبهم
• يحتل فيلم (زوجتي والكلب) المركز 33 في قائمة أفضل مائة فيلم مصري إلى جانب فيلمه الشهير (أريد حلا) من بطولة فاتن حمامة 1975 بحسب استفتاء عدد من النقاد. ويرى البعض أن قصته مأخوذة عن مسرحية (عطيل) لوليم شكسبير، ورشُّح للمشاركة في مسابقة أفضل فيلم أجنبي بالأوسكار سنة إنتاجه1971.
في (زوجتي والكلب) فاجأ سعيد مرزوق السينما المصرية بلغة مختلفة تحاول مواكبة السينما العالمية الحديثة آنئذ، حيث قدم أكثر من 20 فلاش باك، واعتُبر وقتها أول مخرج مصري يقوم بذلك. كما اشتغل عبر عدسة مدير التصوير عبد العزيز فهمي على تبئير الفضاء ات من خلال تنويع زويا التصوير رغم ضيق وقلة الديكورات لاسيما الداخلية وسط فنار ذي سلم لولبي، كانت الكاميرا تتلوى مع درجاته وبإيقاع متسارع لتصوير الحالة النفسية المضطربة للرّايس مرسي، حتى في عمق غرفته الدائرية المستديرة في الفنار. واستعمل تقنية الكاميرا الذاتية التي تلتقط المشاهد من زاوية نظر الشخوص كما في حالة رقص مرسي مع زوجته سعاد تحت الدش حيث كثّف حركة دورانها إلى أن صرخت سعاد:
– كفا انت حتدوّخني
وزع زوايا التصوير مرة من قمة الفنار حيث يظهر مرسي وهو على الصخر قرب البحر صغيرا، صاغرا، مقهورا وتائها. بعكس حين تم تصويره في بداية قدومه للفنار حيث كان ما يزال مفعما بالحماس والنشاط، فصوره من تحت إلى فوق حيث بدا عاليا كبيرا واثقا من نفسه وخلفه الفنار بعلوه وشموخه أيضا. وكان يصور مرة من فتحة إحدى نوافذ الفنار مع الإبقاء على قوسها ظاهرا بالكادر، أو من السفح اتجاهه أو البحر أو الموج الهادر مما خلق حركية بصرية لا تشعرك بالملل وأنت تشاهد نفس المشهد من زاوية واحدة ولمدة طويلة، مع التذكير بجمالية التصوير باللونين الأبيض والأسود وما تعبق به من شاعرية ساهم في إنائها ترميم الفيلم.
وكما اقتصد سعيد في الحوار ككاتب سيناريو مانحا للصورة مجالا أوسع للتعبير من خلال اللقطات التي اومأت إليها وغيرها، اختصر أيضا في عدد الشخوص الذين ركز عليهم داخل الفنار أو على جنباته وهم أربعة خامسهم كلبهم. لكن الضجيج الذي خلقوه بحواراتهم، ضحكهم وصراخهم زائد نباح الكلب، كل هذا الصخب خلق حياة وحركية تشويقية في الفيلم، فحتى وهم يلعبون الورق (الكارطة) داخل غرفة مرسي بالفنار، فقد أثث المشهد بكامله ببرويطاج قهوة شعبية يضج زبناؤها ضحكا، صراخا وسعالا. دون نسيان هدير البحر الذي لم يهدأ طوال الفيلم، فظل متزامنا مع مشاهد الفنار الداخلية والخارجية اللصيقة بالبحر طبعا، مع تغيير درجات ارتفاعه حسب ما تتطلبه المواقف في اللقطات والمشاهد.
وحين يعود للقطات استرجاع مرسي لمغامراته الفحولية (فلاش باك)، يتراجع الحوار فاسحا المجال للموسيقي التصويرية التي برز فيها بالخصوص لحن أغنية “زروني كل سنة مرة” لفيروز بما يعتمل فيه من حنين للأيام الخوالي وشوق لزوجته الشابة التي تركها وحيدة بالقاهرة.
3 – من فيهم الكلب؟
“تبقى إشارة مهمة أو سؤال أخير حول العنوان: “زوجتي والكلب” فعلى من يحيل وصف الكلب؟ فقد يحيل مباشرة على نور، كما قد يحيل على الكلب الحقيقي الذي لعب دورا بطوليا بدوره إلى جانب أبطال الفيلم وتم ترويضه بشكل جيد. إلا أن أنه يحيل وبشدة على البطل الزوج الشّكاك في كل شيء حتى في نفسه، فخسرها كما خسر طمأنينته وراحة باله وأصبح ككلب مسعور أينما حل يعيث فسادا وخرابا ويتم طرده، دليله أنه حين هاج وكسر كل شيء في غرفته قالبا رأسها على عقبها، وسأله أحد زملائه عما حدث للغرفة أجاب:
– الكلب اتسعر

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button