كتب

“إن إبراهيم كان أمّة”

في رحاب توقيع سيناريو" اغتيال وطن إبراهيم الروداني" بالجديدة

نورس البريجة: خالد الخضري

نظمت كما هو معلوم النيابة الإقليمية للمندوبية السامية للمقاومة وجيش التحرير بالجديدة مساء يوم السبت 4 فبراير 2023، حفل تقديم وتوقيع كتاب / سيناريو “اغتيال وطن إبراهيم الروداني” للسيناريست والناقد السينمائي خالد الخضري، حضرته باقة من المثقفين والفنانين والإعلاميين تركوا فرجة وأعصاب مقابلة الوداد البيضاوي ضد الهلال السعودي، وجاءوا لمنادمة تاريخ الوطن وقراع كؤوس الفكر والثقافة والفن.

استهل اللقاء النائب الإقليمي للمندوبية السامية للمقاومة وجيش التحرير، الأستاذ صلاح جبران مرحبا بالضيوف ومقدما ورقة عن أنشطة المندوبية في التعريف برموز المقاومة الدكالية بالخصوص، وبعدد من مبدعيها وكتابها من خلال تنظيم توقيعات كتب ولقاءات فكرية. ثم قدم بعد ذلك الأستاذ فقيهي الصحراوي مؤلف عدد من الكتب من بينها رواية (كذب في كذب) التي تحكي عن مرحلة نفي الشهيد إبراهيم الروداني بسيدي بنور خلال خمسينيات القرن الماضي. ثم (قم للمعلم) وهو بحث في سيرة المؤلف أحمد بوكماخ. فتحدث الأستاذ فقيهي عن سيناريو “اغتيال وطن إبراهيم الروداني” مشيدا بالجهد العضلي والفكري  الذي بذله مؤلفه بالتنقيب عن الفضاءات التي عاش بها الشهيد الروداني في مناطق مختلفة ومتباعدة بالدارالبيضاء، كمحلات إقامته، عمله واعتقاله إلى حين استشهاده مقتولا أمام مقر عمله بدرب السلطان سنة 1956، منتهيا بمحل دفنه بمقبرة الشهداء.

 

وقد عمل خالد الخضري على توثيق جميع هذه الفضاءات والأمكنة في صور ملونة كما بالأبيض والأسود في السيناريو إلى جانب صور عدد من الزعماء السياسيين والفدائيين الذين عاصرهم مثل الزرقطوني وعلال بن عبد الله وعلى رأس كل هؤلاء زعيم الأمة المغفور له الملك محمد الخامس الذي أطلق على إبراهيم الروداني لقب “الأب الصغير للمقاومة المغربية”. كما رصع هذا الأخير اسمه الشخصي بلقب”أضياضو” وتعني بالأمازيغة”سير جع” قاصدا به محمد الخامس، معتمدا إياه رسميا في سائر بطاقات تعريفه الرسمية كما تدل على ذلك بطاقة مقاوم المنشورة رفقته (إبراهيم أضياضو).

في بداية تدخله شكر السيناريست خالد الخضري النيابة الإقليمية للمندوبية السامية للمقاومة وجيش التحرير على تنظيمها لهذا الحفل، كما شكر كلا من الأستاذ فقيهي على كلمته المستفيضة عن السيناريو، وجميع من ساهم في إنجازه على رأسهم الأستاذ الجامعي الدكتور عمر لشگر الذي ارتكز على بحثه القيم حول الشهيد الروداني، ليقتفي من بعده آثاره بالدارالبيضاء عبر بحث ميداني واطلاع على مؤلفات ووثائق وهي عموما جد نادرة مما كتب عن هذا الشهيد الاسثنائي. وشكر كذلك الدكتور محمد معروف الدفالي الذي قام بمراجعة السيناريو مدونا في حقه توطئة فاتحة لشهية فراءته. دون أن ينسى إبراهيم الروداني نجل الشهيد الذي ولد بعد 25 يوما من استشهاد والده فسمي باسمه، والذي فتح له بيته وزوده بصور ووثائق اعتمدها السيناريست في كتابه. كما رافقه لعدد من الفضاءت التي عاش بها والده أو اعتقل أو اشتغل فيها. فكان إبراهيم الروداني الابن أول من قرأ مخطوطة السيناريو وأبدى إعجابه بها.

فُتح بعد ذلك باب المناقشة حيث أثيرت عدة قضايا من أهمها عنوان السيناريو الذي اعتمده السيناريست، فتشعبت الآراء بين متسائل ومعارض ومتفق. إلا أن الرأي الذي استنتج السيناريست أن صاحبه سبر غور العنوان هو ذلك الذي أدلى به الأستاذ عبد الجليل شمّاع والذي رأى أنه عنوانا يتماشى والطرح الفكري الذي جاء به الكتاب حول الشهيد إبراهيم الروداني والذي هو الوطن نفسه مستشهدا بقوله عز وجل في حق النبي إبراهيم عليه السلام الذي اعتبره بمثابة أمة “إن إبراهيم كان أمّة” حين قال:

﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ الآية 120 من سورة النحل. وفي شرح لهذه الآية لابن مَسْعُودٍ: “الْأُمَّةُ مُعَلِّمُ الْخَيْرِ ،أَيْ كَانَ مُعْلِّمًا لِلْخَيْرِ يَأْتَمُّ به أهل الخير في الدُّنْيَا، وَقَدِ اجْتَمَعَ فِيهِ مِنَ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ مَا يَجْتَمِعُ فِي أُمَّةٍ”.

وفعلا فما يورده السيناريو من معلومات ضافية حول الشهيد إبراهيم الروداني، ينطبق عليه هذا الوصف: فقد كان معلما ومستشارا وموجها للمناضلين، وآويا لهم في بيتنه ومعمله ومخبئا لأسلحتهم وممولا لعملياتهم واجتماعاتهم ودراسات العديد منهم في الخارج مثل  عبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمن اليوسفي وغيرهما. وبهذا فابراهيم الرواداني متى أُطلق عله لقب الوطن أو الأمة فهو به جدير وأكثر.

 

Related Articles

2 Comments

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button