نورس البريجة: خالد الخضري
هناك أغاني شهيرة ارتبطت بشخصيات أو بأحداث تاريخية أو بفضاءات متميزة، فاشتهر كلا الطرفين ببعضهما البعض، خير مثال الأغنية الشعبية المغربية أو بالأحرى “ساكن مولاي عبد الله” للثنائي التهامي السالمي وأحمد السالمي التي اشتهر بها موسم مولاي عبد الله أمغار كما اشتهرت هي به. ويعتقد كثير من المغاربة أن هذه الأغنية أو “الساكن ” يعود للفنانة المرحومة الحاجة فاطنة بنت الحسين والحقيقة أن هذه الأخيرة إنما فقط أجادت أداءها صحبة مجموعة أولاد بن عگيدة.
صاحب هذه القطعة هو التهامي السالمي بن الحطاب الزروقي، من دوار البوشتيين، قبيلة حد السوالم الطريفية (توفي ودفن رحمه الله في سادس يونيو 1996 بالاساسفة) . وجدهم هو الوالي سيدي أحمد الشريف الزروقي الذي يشهد موسما كل سنة.
تعود الأغنية إلى منتصف ستينيات القرن الماضي حيث سجلها كاتب الكلمات وملحنها التهامي السالمي عازف آلة الوتار صحبة عمه أحمد السالمي عازف آلة البندير، على متن أسطوانة سوداء، 45 لفة عبر شركة “كازافون” مدة أدائها 23 دقيقة.
وهي من أغاني الطريق، إذ أنها تصف رحلة المطرب وعمه من قبيلة حد السوالم إلى موسم مولاي عبدالله ضواحي الجديدة عبر الطريق الساحلية، حيث يصف المحطات التي مر بها ابتداء من السوالم نفسها: “ويا مولاي عبدالله الحنين – راحنا بتنا فرحانين – را السوالم جايين زايرين”. ثم يمر بإثنين شتوكة: “ورا دزنا على الاثنين – وتعالى تشوف الزين” ثم واد أ م الربيع، أزمور، فمولاي بوشعيب مول الرا گوبة حيث يبدو له “الجامور” فوق صومعته وليس “الجمهور” كما يردد كافة المطربين الذين يأدون هذه القطعة، والجامور هو تلك القطعة النحاسية الكبيرة التي تضم ثلاة إلى خمس كرات نحاسية تعتلي صوامع المساجد. هذا التحريف يعود لجهل هؤلاء المطربين بتركيبة هذه القطعة / الوثيقة الجغرافية والتاريخية الرائعة.
فحين يشاهد المطرب المسافر، الجامورَ عن بعد يتمنى النزول لزيارة مولاي بوشعيب لكنه يعجز لأنه على سفر، ورغم ذلك يتمنى من الولي الصالح مول الرا گوبة أن يعتبره من الزائرين لتشمله بركاته “فإنما الأعمال بالنيات”.
((ووصلنا لأزمور- بان لي الجامور- وبغيت نزول نزور- ويا الوالي راك تشوف – راني في الحديد دايز مخطوف – حسبني من الزايرين)). ثم ينتقل إلى الجديدة ليسألها عما بها و”مالها وْحيدة وفريدة” وعن ضمانها فتجيبه بأن لها ثلاثة ضُمّان:
– الأول في الضمان: هو مولاي الحسن حيث القصر مبني فيا”
والثاني في الضمان: هو مول الرا گوبة، يعني مولاي بوشعيب ”
والثالث في الضمان: هو مولاي عبد الله مرة مرة يروف علي”
ثم يصل إلى الموسم وبالضبط إلى محرك الخيل “وصلنا للمجبد – بان لي الموسم جابد”. بعده يصل إلى الحْلافي قبل أن يُسهب في وصف وتعداد سربات الخيول وهي بعدد 13 مبتدئا بسربة أو علفة قبيلته:
“1 – وجاو خيل السوالم -2- أولاد حريز -3- شياضمة -4- عبدة -5- الغلمييين-6- أحمر-7- أولاد السي بن داوود -8- القواسم -9- جعيدان – 10 – العونات -11- المعاشات -12- البروج -13- ثم علفة أو علفات القبيلة المنظمة للموسم وهي دكالة”
بعد ذلك يصعد لزيارة ضريح مولاي عبدالله ونوافذه مع اتجاهاتها: “وراه عندو تسع شراجم – ثلاثة مقابلين البحر- ثلاثة الجرف الأصفر- وثلاثة مقابلين القبلة – واللي هو مولوع راه الجامع تمة”
ثم يصف المكان الذي سيقيم فيه خيمته على ربوة تطل على البحر ذاكرا أن مدة تخييمه بموسم مولاي عبد الله استغرقت 3 أيام، تم الاستئناس فيها بالموسيقى عبر آلتي الوتار و”الگنبَرْ” أي العود. مع تناول الحريرة ولحم الغنم والحمام.
“وياك الوثاق والطوموبيل – والوتار يعيط يا ليل – و الگنبر ر يا لله مشرية – وبركنا ثلث ايام – الماكلة بالنظام – غير الحولي ولحم الغنم – والحريرة ولحم الحمام – وگريگر مشوية”
ليختمها باللازمة التي تردد عدة مرات وهي:
“وانا وانا وانا وعاد عدا..
وبّا وابّا ومولاي عبد الله الولي راحنا
جينا نزوروك”
ولفظة “عاد عدا” مشتقة من فعل :”عًدا يعْدو” وهي التي يطلقها قائد سربة الخيل “العلّام” للإعلان عن انطلاق “العلْفة” بسرعة قبل إطلاق البارود دفعة واحدة عند الوصول، أي عند “الكبّة”.
(يتبع)