حصرياتمجتمع

مباشرة من موسم مولاي عبد الله (4) لماذا تم منع “الحْلاقي” ؟

الحلقة ثراث مغربي لا مادي، يُدفن في أكبر موسم ثراثي لا مادي

نورس البريجة: خالد الخضري

يعتبر فن “الحلْقة” ثراتا مغربيا عريقا وأصيلا، فقد كان هو الوسيلة رقم واحد لخلق فرجة وترفيه جماعيين لاسيما في البوادي والأسواق كما في ساحات عدد من المدن المغربية لعل أشهرها ساحة جامع الفنا بمراكش، حيث لا زال هذا الفن منتعشا بمختلف تجلياته الموسيقية، البهلوانية والكوميدية.. كما لا زال قائما في مختلف المواسم الشعبية المغربية لا سيما بمناطق دكالة، عبدة، الشاوية، الشياظمة، الحوز إلافي أكبر موسمك موسم مولاي عبد الله أمغار مهد أكبر الحلايقية وأشهرهم في دورته الحالية 2025 ؟؟

فإلى حدود السنة الماضية كانت “الحْلاقي” و”الحلايقية” يؤثثون “مَحْرك” الخيل ليلا ليتحول الفضاء برمته  إلى مسرح شعبي في الهواء الطلق، ينشطه عدد من صُنّاع الفرجة الوافدون على الموسم من جهات مغربية متنوعة. وهنا لا بد من الإشادة ببادرة محمودة  أقبلت عليها السلطات المحلية في السنة الماضية 2024 تمثلت في منع “حلاقي” الميسر والقمار بمختلف أشكاله (الكارطة، الضاضوس، الخيط إلخ…) لتستمر النوعية الأخرى بمن فيهم عبيدات الرمى، الحوز، الثنائيات مثل مصطفى رفيق المرحوم الغازي والذي شكل معه في سنوات ماضية ثنائيا شهيرا يستحيل ألا يفجر لديك الضحك مهما كانت درجة كآبتك وضيقك مرتفعة حث كانا يرتجلان مسرحيات أو بالأحرى “سكيتشات” صغيرة يسمونها “الرواية” خصوصا حين يمثل أحدهما دور المرأة زارعا برتقاليتين بصدره. نفس الشيء بالنسبة للثنائي نعينيعة والصاروخ،  وكذلك كان ولد قرّد، خْلِيْفة، زعطوط، الغليمي،  مروّْض القردة، وموّات الحمير، زائد أصحاب الملاكمة ورفع الأثقال ورمي الكرة في الشِّباك، والتصويب بالبنادق والكرة أيضا لإسقاط عُلبَتَيْ شاي دفعة واحدة، وهي كلها رياضات فكرية وعضلية مُسَلِّية بسيطة وشعبية يتعاطاها حتى الميسورون.

فمن هو أوهي الجهة المسؤولة عن هذا المنع الجائر الذي حرم أولا موسم مولاي عبد الله من شريان حيوي يصب مباشرة في محور “الثراث اللامادي” الذي عليه ينبني الموسم ذاته ولا يقل أهمية عن بقية العناصر المكونة له إلى جانب التبوريدة، وعروض القواسم للصيد بالطير الحر، والأذكار والأمداح النبوية  ثم السهرات التي هي إلى حد ما عنصر حديث وتنظيم للفرجة الجماعية بشكل إلكتروني مهما بلغ من تأثير فلن يعوض فرجة الحَلْقة بعفويتها وحميميتها؟

كما أن منع هذا الفن الأصيل يضرمن جهة ثانية ولحد القهر، برواده الذين لا يوجد لديهم مصدر دخل ومكسب عيش سواه، وقد وفد العديد منهم إلى “محْرك” الخيل ليلَتَيْ الأحد والاثنين 10 و11 غشت، فطردهم رجال الدرك والمخازنية، كما صرح بذلك الحلايْقي السيد عبد المجيد الحمري الوافد من القنيطرة والذي ظل وفيا لهذه العادة وهذا الفضاء بالذات لأزيد من30 سنة.

وفي سؤال ألقاه عليه الصديق محمد البوساتي عن بقية زملائه الذين جاؤوا للساحة ليلا فتعرضوا للمنع ذكر: مصطفى الفرجي – رفيق الغازي –  عبد الرحيم بومعزة، الرسالة، اعريْش رفيق الفنان البنوري خلّوق، واولاد النعانعي… فكثير من هؤلاء أحضروا أولادهم ولا زالوا ينتظرون بخيامهم قوتهم الذي صودر أو أغلق على نبعه الوحيد ألا وهو “الحلْقة”. فمن فعل هذا، وما الأسباب والدوافع؟؟

كما أن مشهد محرك الخيل مقفرا بالليل جعله موحشا يحز في النفس، تحفه به أسوار “تيط” ومدرجات الجمهور الذي حج بعضه للتفرج في الحلاقي، لأنه لا زال لهذا الفن عشاقه ، فبدا هذا الفضاء الذي كان وإلى غاية الأمس القريب يعج بالحيوية والفرجة حتى الفجر، كأنه عورة كشفت في كيان مولاي عبد الله صَعُب على المنظمين وكل من له دخل في هذا المنع  سترها أو على الأقل رتقها أو تعويضها بنشاط مناسب يصب في رافد “الثرات اللامادي” حتى لا تكتسحنا الحداثة أو العولمة في شقيهما السلبي؟

 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button