سينمافن وثقافةمهرجان الجديدة السينمائي

حلول نورالدين الصايل بمهرجان السنيما الإفريقية بخريبكــة

أقل ما يمكن أن يكرَّم به الصايل، كتاب في حقه

نورس البريجة: خالد الخضري

  1 – أي خلف لأي سلف؟

مات كما يموت جميع البشر، الناقد السينمائي نور الدين الصايل مؤسس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية المغربية ومهرجان السنيما الإفريقية بخريبكــة منذ سبعينيات القرن الماضــي.. هذا المهرجان الذي أوقد مساء يوم السبت 28 ماي 2022 شمعته الثانية والعشرين. لكن الذي لم يمت هو “هيمنة ” هذا الرجل وهي “بكيفية أو بأخرى” – كما كان يردد الراحل كثيرا في خطاباته وتصريحاته – هيمنة إيجابية وإن وصفها البعض بالديكتاتورية وما شابه ذلك من أوصاف متباينة.

لكن الرجل أحب من أحب وكره من كره أو حتى من التزم موقف الحياد، جعل من مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة واحدا من أشهر المهرجانات السينمائية الدولية وأشدها عراقة، في مدينة لا تتوفر على أية قاعة سينمائية.. كما حوله إلى مؤسسة عتيدة لاتزال قائمة، حل على رأسها حاليا – بعد وفاة الصايل – رجل السياسة والاقتصاد والرئيس السابق لمجلس النواب بالأغلبية السيد الحبيب المالكي، الشيء الذي طرح عدة أسئلة شائكة حول هذا الخلف مقارنة له مع السلف؟؟ وحول علاقته بالسينما بصفة عامة وبمهرجان السينما الإفريقية بصفة خاصة؟؟ علما بان المالكي ينتمي لمدينة غير بعيدة عن خريبكة هي بجعد… ليبقى الارتسام العام الذي خلفته هذه “التركة” هو الامتعاض والشعور بإشراك أو خلط السينمائي بالسياسي، حيث يكاد يذوب الأول في الثاني تبعا لأهداف بعيدة قد لا تظهر حاليا بشاشة المهرجان. وعموما لا يخلو أي حكم عن هذا البديل أو الخلف حاليا من جور، مما يستوجب التروي وانتظار الحلقات القادمة من المهرجان.

في حفل الافتتاح كان الشعور بفقد الأب الروحي لمهرجان مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة فادحا.. وكان تكريم الصايل في مستهله منتظرا وصائبا. إلا أن كثرة الفقرات، تطويل كلمات بعض المتدخلين منهم الرئيس الحالي للمؤسسة وقصيدة ذلك الشاعر الإفريقي باللغة الفرنسية، كما بساطة الفيلم الوثائقي الذي أنجز عن الصايل حيث إن جل لقطاته مأخوذة من الأنترنيت… كل هذا أثر سلبا على قدسية الحدث وخسف حق المكرَّم.. ولو كان الصايل على قيد الحياة وتم تكريم شخصية من رواد المهرجان الذين رحلوا كالفنان المغربي محمد بصطاوي أوالمخرج السينغالي عصمان صمبين، أو الناقد التونسي الطاهر شريعة، أو زميله سمير فريد… ما كان سيسمح قطعا أن يتم هذا التكريم بمثل ما حدث بشأنه ليلة افتتاح مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة.

 

2 – يبقى ما في الكُرّاس

نور الدين الصايل كان من الأنسب تنظيم أمسية أو سهرة خاصة به.. كما كان حريا بإدارة المهرجان وبجميع أطرها الذين هم أصدقاؤنا وأحبابنا أن يفكروا في إعداد كتاب متكامل عنه، وذلك بطلب منهم لجميع النقاد والباحثين السينمائيين المغاربة وحتى الأفارقة كما بعض رواد الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب أن يدلي كل واحد من هؤلاء بشهادة وازنة في حق الصايل أو قراءة في مساره السينمائي، الإعلامي والفكري ككل… ومن آخرين بعث مداخلات ومحاضرات له مرقونة لأن الصايل كان يتكلم أكثر مما يكتب.. وكان بين الفينة والأخرى يتفوه بعبارات دالة يطرح بعضها أسئلة لما تعبق به من نفس فلسفي وفكري يكاد يحولها إلى أمثلة أو حكم يستشهد بها، دليله ما اختارته هيأة تحرير كاتلوغ هذه الدورة تحت عنوان: “أقوال الحكيم” حيث نشرت على لسان الصايل القولة:

((إذا لم تقم بإنتاج صور عن ذاتك وبنظرتك، فإن الآخرين سيتكلفون بذلك ولكن تبعا لنظرتهم، ووفقا لمصالحهم)).

كما يمكن أيضا أن تلتمس إدارة المهرجان من معارف، أصدقاء وزملاء الصايل بعث صور نادرة يظهر فيها هذا الأخير في مناسبات وفضاءات عديدة، لإنجاز ألبوم مواز تثير لقطاته كذلك ذكريات ودلالات قد لا تحققها الكلمات سواء منها المكتوبة أو المنطوقة.

فلي اليقين لو فكر أصحابنا في هذا وسعوا لإنجازه، لحققوا أولا مرجعا سينمائيا إفريقيا عربيا ودوليا، ثم مكسبا توثيقيا فكريا وإعلاميا عن الرجل سيحقق إضافة وإرثا غنيين لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة. فالكتاب أبقى وأشد مصداقية من كلمات التأبين المجترة ومنشورات الأنترنيت بمختلف أنواعها ووسائطها، تبعا لمقولة أو حكمة “يذهب ما في الراس ويبقى ما في الكرّاس”. وفي الوقت عينه، سيغدو الكتاب “بكيفية أو بأخرى” تكريما لنور الدين الصايل في حد ذاته ورد جميل له. وعلى أي هذا اقتراح لمشروع لن يطاله التقادم متى اشتغل عليه أعضاء مؤسسة السينما الإفريقية بخريبكة، فلا أعتقد أن باحثا أو ناقدا سينمائيا مغربيا، عربيا، إفريقيا أو غربيا سيتأخر عن دعوته للمشاركة في هذا العمل.

من بين فقرات المهرجان الحديثة التي حبذها جل الحاضرين وأعلن عنها السيد الحبيب المالكي في كلمته، إحداث جائزة خاصة بالنقد السينمائي تحمل اسم نور الدين الصايل تسهر عليها لجنة تضم نقادا من القارة الإفريقية. إلى جانب جائزة “دون كيشوت” التي تمنحها الجامعة الوطنية للأندية السينمائية. وفي الجانب الاجتماعي/السياسي راج اقتراح بإطلاق اسمه على أحد شوارع مدينة خريبكة… كل هذا جميل ويستحقه رجل بحجم نور الدين الصايل.

  • عموما، فنورالدين الصايل سابقا: “كان”.
  • ومؤسسة المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، برئيسها الجديد وبقية أطرها حاليا: “كائنان”..
  • والبقاء للأصلح.. “سيكون”.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button