حصرياتمجتمع

تفويجة، طْعَيْمة وصلة رحم بجنان طازوطا

الحب، قانون أساسي للمجموعة البخارية

                                                                نورس البريجة: خالد الخضري

كانوا حوالي 150 شخصا وذكورا وإناثا وإن كنّ قلة، كثلة موحدة سطرت هدفا أساسيا هو التواصل وإحياء صلة الرحم الإنسانية بالدرجة الأولى. هم في البدء والانتهاء جمعية لم تدوِّن قانونها الأساسي في صفحات ولا في بنود وفروع البنود، بل لخصته فقط في كلمة واحدة هي: “الحب” حيث تم اللقاء صبيحة شاتية وطيلة يوم الأحد 26 فبراير 2023 بجنان طازوطا في دوار “اولاد السالمي” بقبيلة اولاد حمدان، إقليم دكالة.

جمعية أو مجموعة لا يسيرها مكتب إداري، ولا تشرف عليها مؤسسة أو هيأة حكومية ولا تنظيم سياسي، أو نقابي أو ديني. هم باختصار باقة من قدماء طلبة الإمام البخاري بالبئر الجديد بدكالة، بينهم الموظف والطبيب والصيدلي والأستاذ والمعلم والمدير والحارس العام والصانع والحرفي والتاجر والرياضي والشرطي والدركي والباحث والشاعر والموسيقي. كثير منهم تقاعد “إداريا” لكنه استمر نشيطا إنسانيا، اجتماعيا، ثقافيا وفنيا وأيضا مهنيا في قطاعات مختلفة.

لكن القاسم المشرك الذي جمعهم، هو “الحب” وإحياء صلة الرحم بين الزميل وزمليه، الصديق وصديقه، بين التلميذ وأستاذه وبين الأستاذ وتلميذه، إذ تم اللقاء بين بعض هؤلاء والبعض الآخر بعد فراق دام لأكثر من 30 سنة كما حدث لي شخصيا، إذِ التقيت معيدا تربويا كان يشتغل بثانوية أبي شعيب الدكالي بالجديدة حيث كنت أدرس في سبعينيات القرن الماضي، الأستاذ إبراهيم الاصفر الذي عرفني بعد أن مر على فراقنا أزيد من40 سنة. إنه حدث خرافي من غير شك يمنح طاقة إيجابية للسعي إلى مزيد من إحياء صلات الرحم ولتعاطي الحياة بمزيد من الحب.

تمت الدعوة وتنظيم ذلك اليوم الجميل من طرف السيدين مبروك أحمد وعزالدين خريبش، هما أيضا من قدماء ثانوية الإمام البخاري ومن ساكنة اولاد حمدان قرب جنان طازوطا، هذا الأخير الذي تعود ملكيته وإدارته للسيدة لطيفة خالص الرودانية الأصل وزوجها السيد امحمد الزنفاري، وهوفنان تشكيلي أثث المأوي بلوحات وتحف ديكوراتية متكاملة – كانا يشتغلان قبل تقاعدهما في المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لدكالة بالجديدة – فاستغلا خبرتهما الإدارية والفلاحية لتسيير بناية الطازوطا، محولين إياها إلى مأوى سياحي ومشتل لعدد من الأعشاب الطبية والمعطرة كاليزير والسالمية وتيمجة والخبِّيزة والعطرشة والخزامى.

كما استنبتا أغراسا محلية مثل البرتقال والآفوكا والرمان والزيتون وغيرها. هذه الأعشاب التي يطلب بعض الوافدين للمأوى استعمالها مع الأطعمة (البلْدية) التي تعدها السيدة لطيفة ومساعداتها من كسكسي ورفيسة وحريرة وبركوكش ومسمن وبغرير وبطبوط… ويكفي أنها أعدت الطعام الذي قدم للضيوف يوم الأحد المذكور، من كسكس القمح (البلْدي) والخضر المحلية الطازجة كالجزر واليقطين والفول الأخضر والحمّص، مع مشروب اللبن المحلي طبعا.

تخلل الحفل زيادة على كلمات بعض المتدخلين فقرات موسيقية أثثها الأستاذان حسن فراح بمعزوفات على العود شاركه الغناء الأستاذ محمد جعفر. وقدم الدكتور عبد العزيز حنون، صحفي وطبيب أخصائي في الصحة العمومية وباحث في التراث الشعبي، كلمة حول كيفية إعادة التراث “العْروبي” المغربي لا سيما  المحلي الدكالي. كما أعطى الشريف القاسمي الحاج الحسين الطويل، نظرة عامة حول كيفية اقتناص الصقر وتربيته وترويضه بقبيلة القواسم الدكالية المشهورة والمتفردة برياضة الصيد بالطير الحر. بينما اكتفى الأستاذ حسن الرحيبي وهو مهتم بتاريخ مدينة الغربية ذات الجذور والآثار الرومانية (على بعد حوالي 20 كلم من الوليدية) بتحية الجمع وتتمين مساره، دون أن يخلو الحفل من طرائف ومستملحات و”شد فيا نشد فيك” مثلما هو حاصل في حكاية النزاع التاريخي القائم بين دكالة وعبدة حول ملكية البئر؟

تشاهدون مقتطفات بالصوت والصورة من هذا الحفل كما دردشة مقتضبة مع السيدة لطيفة خالص حول جنان الطازوطا عبر الرابط التالي:

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button