مجتمع

الموسم.. والخيل.. والصقر.. والأمواج تعرفني

الصيد بالطير الحر رياضة مزدهرة بدكالة (*)

نورس البريجة: خالد الخضري

قدمت نخبة من شرفاء القواسم مساء يوم الأحد 6 غشت الجاري 2023 عرضا للصيد بالطير الحر في محرك موسم مولاي عبد الله بإقليم الجديدة الذي انطلقت فعالياته يوم الجمعة الماضي. وهكذا يحل “البِيّاز” وهو صاحب ومروض الباز أو الصقر أو “الطير الحر” كما يلقبه الدكّاليون، بفضاء الملعب فيطلق حمامة تحلق في فضائه إلى أن تكاد تختفي في السماء، حينئذ يفك القبعة أو البرقع، الذي يخفي عيني الباز ورأسه بكامله. يسمى أيضا “المْكب” أو “الكُبّيل” بالدارجة المغربية، ثم يفك وثاقه المربوط بيده على متن قفاز جلدي نظرا لحدة مخالب الطير، فيحلق هذا بعيدا وراء الحمامة وتحت صيحات صاحبه التي يميزها ولو كانت ضمن العديد من الصيحات المتزامنة! حيث إنّ الله ميّزها بخصائص عدة منها:

السرعة العالية في الطيران والتحليق حيث يصل بعضها 360 كلم في الساعة بالنسبة للنّبلي، والبحري 200 إلى 240 كلم في الساعة، المخالب الحادة والصلبة، ثم بقوة بصر عالية ودقيقة تُمكّنها من رؤية فريستها عن بعد تصل أحينا 3000 متر / 3 كلمترات عن بعد”.

وهكذا يطارد الطائر الحر الحمامة دون هوادة إلى أن يسقطها أرضا ويجثم عليها بمخالبه – دون أن يلتهمها – حتى يحل صاحبه ليخلصها من تحته ويلقمه بديلها قطعة لحم أو يتركها له متى شاء ذلك. لكن الطائر لا يأكل الطريدة مهما استبد به الجوع إلا بإذن صاحبه!!

 –  جد القواسم هو سيدي اسماعيل بوشربيل وليس مولاي الطاهر القاسمي

أما جد الشرفاء القواسم فالكثير من الناس ينسبهم إلى الشريف مولاي الطاهر القاسمي دفين أولاد فرج الذي يردد المطربون الشعبيون أغنية بشأنه أو بالأحرى “ساكْن” بعنوان: (مولاي الطاهر القاسمي رانت والي) في حين أن هذا الولي لم يرزق بأبناء. يزكي ذلك ما يردده المطربون  في نفس الساكن:

ومولاي الطاهر يا الوالي.. لا بنية ولا وليد..  ولا من يگعّد وسادي

جد الشرفاء القواسم البيّازة، أصحاب الطير الحر هو سيدي علي بن قاسم المعروف ب “بو شربيل” والمدفون قرب جامع الكتيبة بمراكش”. نشر الدكتور عبد الهادي التازي بحثا مستفيضا عن رياضة الصيد بالطير الحر بدكالة معتبرا إياها “أمثولة حضارية”. ومما جاء فيه:

((إن المناطق التي انتشرت فيها هواية الصيد بالطير الحر على رأسها فخدة “القواسم” بقبيلة دكالة، ونقصد بالقواسم هنا ما يشمل قواسم (واهلة) أصحاب سيدي اسماعيل بوشربيل وقواسم أولاد فرج أصحاب زاوية الولي الصالح سيدي علي بن أبي القاسم تلميذ الشيخ أبي النيار من بني امغار أصحاب رباط “تيط” حيث يوجد ضريح مولاي عبد الله أمغار الذي تقام به المواسم الشعبية في صيف كل سنة. فتقدم خلاله عروض حية للصيد بالصقر يتزعمها القواسم))

يتحدث جميع شرفاء القواسم وبفخر عن تشجيع الملوك المغاربة والحكام لهم، باعتبارهم يتحكمون في الطير ولديهم مراسيم ملكية تؤكد أن السلطان مولاي الحسن الأول كان يعفي المرابطين مقدمي القواسم من أداء الواجبات نظرا لكونهم يصرفون الأموال لضعفائهم وفقراء زاويتهم. وقد كان هذا الإعفاء على ما يبدو بمثابة تعويض عما يصرفونه من نفقات على تربية تلك الصقور ورعايتها. وحمل الظهير الحسني (نسبة إلى مولاي الحسن الأول) تاريخ: 6 شعبان 1302، موافق: 21 ماي 1885.

هناك ايضا ظهير للسلطان مولاي عبد الحفيظ يجدد فيه للقواسم ما كان أقره مولاي الحسن بتاريخ: 2 فبراير 1910. وآخر للمغفور له محمد الخامس موقع من طرف وزير التاج السيد المختار السوسي هذا نصه:

“يجدد فيه للمرابطين: آل السيد اسماعيل القاسمي، المقيمين بقبيلة دكالة ما بأيديهم من ظهائر أسلافنا الكرام، أقررناهم على ما تضمنته من التوقير والاحترام. وقد صدر به أمرنا المعتز بالله في 12 جمادى الثاني 1380، موافق فاتح دجنبر 1960”   – (ص: 211).

ولعل من أبرز براهن اهتمام الملوك العلويين برياضة الصيد بالطير إعطاء جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني تعليماته بإصدار طوابع بريدية تعبر عن ممارسة هذه الرياضة المتوارثة منذ القدم، لا زلت شخصيا أتوفر على واحد أصلي منها حين كنت من هواة جمع الطوابع البريدية فيما مضى.

*(1) لمزيد من المعلومات والتفاصيل عن هواية أو رياضة الصيد بالطير الحر في دكالة، يمكن الرجوع إلى كتاب: “الجديدة بين الأمس واليوم” لكاتب هذا المقال في الصفحات من 199 إلى  202

*(2) كما يمكن معرفة ذلك من خلال الربورتاج التالي:

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button