حصريات

“ناضي كندي” مشاهد كندية في عين المكان(13)

المشهد الثالث عشر: ماكينزي وضيعته

نورس البريجة: خالد الخضري

اللقطة الثالثة: دماغ كبير وحب أكبر

تصور رئيس الوزراء العاشر وليام ليون ماكينزي كينغ دورًا رسميًا لممتلكاته بعد وفاته بعد أن تركها إرثا لحكومة كندا بهدف جعلها منتزها عاما مدمج في حدود حديقة غاتينو. فأصبح قطاع المزرعة المقر الرسمي لرئيس مجلس العموم.

لا زال المنزل الصغير الذي أقام فيه ماكينزي داخل ضيعته الفسيحة، يحتوي على سائر غرفه ومعظم أكسسواراته بدءا من مكتبته ومكتبه الذي لا زالت به الآلة الكاتبة Dactylo التي بها دون مذكراته وأفكاره التي تحولت إلى كتاب – جهاز هاتفه الأسود – إحدى قبعاته جنب أقلام وكراسات ورقية – قاعة اجتماعات حيث كان يجتمع ببقية أعضاء الحكومة وضيوفه من مختلف المستويات من وزراء، كتاب، فنانين، صحفيين ورؤساء دول ضمنهم الرئيس الأمريكي روزفلت وابنه جيمس روزفلت وهو محامي، رجل سياسة ومنتج سينمائي. ففي هذه الغرفة اتخذت قرارات خطيرة ضمنها الإعلان عن دخول كندا الحرب العالميةالثانية.

غرفة نوم بسريرها وتوابعه حيث كان ماكينزي يستمع إلى الراديو الذي ما زال جاثما هناك يديع حتى الآن بعض خطبه المسجلة.

في الطباق السفلي ركن كان الملك يمارس فيه صلواته محروسا بتمثالي ملاكين جلبهما من كنيسة شهيرة بلندن يتوسطهما صليب متوسط الحجم.

وبالصالة مدفأة تواجهها طاولات صغيرة على واحدة منها أباريق القهوة مع أكوابها. بل تركت قاعة الأكل مجهزة بموائدها وكراسيها مفتوحة للزوار لمن أراد أن يستريح من عناء التجوال بمختلف مرافق الضيعة الكبيرة ليتناول طعامه أو يحتسي مشروبه شريطة رمي النفايات في مكانها مع تنظيف الغرفة وإرجاعها كما كانت.

صراحة إن الإحساس الذي اعتراني وأكيدا أن كثيرا من الزوار يشاركني إياه هو: إن وليام ماكينزي لم يمت، فما زالت روحه ترفرف في أدق مرافق وجزئيات البيت، فمستحيل ألا تشعر بالرهبة وأنت تعاين عن قرب تركته أو تجلس بمقعد رجل حكم دولة عظمى وأمضى قرارات خطيرة ومصيرية من على ذات نفس المكتب والمقعد ! مما يؤكد أن إدارة مرافق ومؤسسات مهما صغر أو عظم شأنها، لا تحتاج لبنايات فارهة ذات غرف وصالات واسعة مجهزة بأغلى الثريات والسجادات والأرائك والرياش الفاخر، بل يمكن تسيير وإدارة دول برمتها من خلال بيت ومكتب صغيرين، شريطة أن يقيم ويشتغل فيه دماغ كبير وحب أكبر لما ومن يخدمه صاحب هذا الدماغ.

كتب وليام ماكينزي في وصيته المنشورة لصق إحدى صوره بالبيت:

 

(( بدا لي دائما أن أكبر مباهج الحياة يكمن في خدمة الإنسان للآخرين بأية طريقة من الطرق. و بدل أن تكون الدولة مدينة لمن يمنحها وقته وإمكانياته لخدمة الشأن العام وتحسين الشرط البشري، يتعين سلوك الاتجاه المعاكس)) (W.L.M.K)

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button