حصرياتفن وثقافةموسيقى

محمد الغاوي.. الهندام

بين الفن والإعلام

        نورس البريجة: خالد الخضري

1  – اليد في اليد نحرثو البلاد

ولد محمد الغاوي بمدينة سلا سنة 1956   وتوفي بالرباط  يوم رابع فبراير 2023. اهتم بالموسيقى منذ طفولته حيث انضم إلى فرقة «الجيل الصاعد» وعمره سبعة أعوام. سنة 1979  شارك الغاوي في مسابقة «أضواء المدينة» التي نظمتها الإذاعة الوطنية ففاز بجائزة أحسن صوت رجالي عن أغنية “مضناك جفاه مرقده” للموسيقار محمد عبد الوهاب، بينما فازت الفنانة رجاء بلمليح بجائزة أحسن صوت نسائي عن أغنية «وحقك أنت المنى والطلب» لأم كلثوم.

وتمثلت جائزة هذه المسابقة في تسجيل دار الإذاعة أغنية للفائز، فسجّل الغاوي تبعا لذلك أغنيته المعروفة «الغربة والعشق الگادي» من كلمات علي الحداني، مشكِّلة بهذا بدايته الحقيقية والفعلية في مجال الفن الغنائي حيث سجل حوالي 80 قطعة تنوعت بين العاطفي والديني والاجتماعي بما في ذلك أغاني المسلسلات من أشهرها وأجملها مسلسل (راضية) تأليف المرحوم محمد أحمد البصري وإخراج المرحوم محمد عاطفي 1991 حيث مثل الغاوي أيضا وأدى أغنية الجنريك: “نحرثو البلاد”،  كلمات السيناريست المؤلف وتلحين الفنان عزالدين منتصر، وظل جيل تسعينيات القرن الماضي يرددها ويرقص على إيقاعاتها الطربية باستمرار في مختلف المناسبات والحفلات الخاصة والعامة مستهليين الإنشاد ب: “واه واه ونحرثو البلاد.. اليد في اليد.. نحرثو بالجد.. نبنيو أمجاد”…

  2 – من التعليم إلى الغناء فالإعلام

اشتغل الغاوي في بدايته مدرسا للتعليم الأولي فالإعدادي، لكن عشقه للموسيقى جعله يتخلى عن التعليم ليعانق العمل الفني والتلفزيوني كما الإعلامي مع أدائه للأغاني، فاشتغل محافظا لبرنامج «مواهب» من إعداد المرحوم عبد النبي الجيراري الذي كان متخصصا في اكتشاف المواهب الشابة، حيث قضى فيه 10 سنوات جاور خلاها عدة فنانين سيكوِّنون الجيل الجديد من الموسيقى المغربية أمثال محمود الإدريسي ، البشير عبدو ، ليلى غفران ، عز الدين منتصر ومحمد بلخياط.

وفي المجال الإعلامي اشتغل الغاوي معدا ومقدما لبرنامج تلفزيوني في القناة الأولى  تحت عنوان “بين البارح واليوم” رفقة المنتج محمد السعودي صاحب الفكرة. وهو برنامج تخصص في النبش في ذاكرة الموسيقى المغربية العصرية والشعبية بشتى صنوفها، مصادرها، فضاءاتها وروادها نساء ورجالا، مطربين وملحنين وكتاّب كلمات شمل الأحياء كما المتوفين.

في هذا المنحى قدم برنامج  “بين البارح واليوم” بلسان ومحيى المرحوم محمد الغاوي، حلقات خاصة عن كل من: الحاج احمد البيرو، الطاهر جيمي ، حسن القدميري، محمد رويشة، محمد بوزوبع، المعطي بنقاسم ، حياة الادريسي، آمال عبد القادر، سعاد محمد، فؤاد الزبادي، عمر السيد، عبد الواحد التطواني، عبد السلام عامر، عبد الله عصامي، عمر الطنطاوي، جمال الزرهوني، اولاد بنعگيدة.

أول حلقة تم بثها من هذا البرنامج خصصت لهذه المجموعة الشعبية العريقة اولاد بنعگيدة رفقة واحدة من أشد الشيخات الأصليات المرحومة حفيظة الحسناوية، التي وافتها المنية بسكتة قلبية مفاجئة حتى قبل أن تشاهد نفسها فيها. وقد بدا فيها المرحوم الغاوي سواء وهو يحاورها أو يحاور زملاءها بمن فيهم زوجها السي بوشعيب أو أخوه بوجمعة، إعلاميا متمكنا من أدواته المعلوماتية كما  الفنية والتقنية من حيث كيفية جلوسه وطريقة إلقائه للأسئلة دون أن تفارق الابتسامة شفتيه.

3 – إعلامي بغير معهد

للشهادة الموضوعية ومن خلال تجربتي الشخصية المتواضعة والدراسة في المعهد العالي للصحافة، قسم السمعي البصري: فمن بين أهم الإرشادات أو القواعد الأساسية التي تعلمناها والتي توجه للصحفي المحاوِر خمسة: أولا، عدم التطويل في السؤال – ثانيا، عدم مقاطعة الضيف حتى ولو أخطأ مادام هناك مونطاج سيلي الحوار – ثالثا، مخاطبة الضيف بمنتهى اللطف واللباقة –  رابعا، ألا تغادر الابتسامة محياه – وخامسا، أن ينظر مباشرة في عيني محاوَره/ ضيفه حتى ولو سها الصحفي أو شرد ذهنه لتحفيز الضيف في الاسترسال في الحديث وتجنيبه رهبة الوقوف أمام الكاميرا وحتى ولو كان غير متفق مع ما يقوله. وهذه كلها قواعد نلمسها في محاورة الغاوي لضيوفه في البرنامج المذكور لا سيما في حلقة اولاد بنعگيدة رغم أنه لم يدرس صحافة ولا دخل معهدا متخصصا. فالغاوي وهو يحاورني في هذا البرنامج ظل مبتسما بشوشا وكان في كل سؤال أو توجيه يخاطبني ب”سيدي خالد”  وحين أنهي ردي يعلق: “تبارك الله عليك يا أستاذ” وكذلك كان يفعل مع “للا حفيظة” الحسناوية وغيرها، تكفي معاينة الفيديو المرفق للتأكد من ذلك.

كان كل هذا طبعا تحت إدارة وبتشاور مع صديقه وزميله السيد محمد السعودي، ساعده في ذلك صوته المنغم الصافي النبرات ومخارج الحروف، يكفي مثلا أن تستمع له وهو يصف مدينة آسفي في مستهل هذه الحلقة حتى يستهويك الاستماع قبل المشاهدة فتتسرب إليك المعلومة كاملة. كانت حلقة آسفي هذه من إخراج عبد الواحد مجاهد.

4 – هندام قدوة

أما هندام السي محمد الغاوي فكان مضرب مثل ونموذجا يُقتدى به لما عرف عنه من أناقة رائقةطيلة حياته، فنادرا ما شوهد الغاوي بغير بدلة ورباط عنق متناسق التصميم متكامل الألوان. وقد كان لي شرف استضافتي في هذه حلقة حيث قدمت شهادة في حق مجموعة اولاد بنعگيدة كما المرحومة حفيظة الحسناوية حين كانت لا تزال على قيد الحياة. تم التصوير والتسجيل في مركب وفندق “الدوليز” على ضفاف نهر أبي رقراق بسلا يوم: الخميس 26 أكتوبر 2021 رافقنا خلاله الفنان أحمد السلاوي صديق المرحوم الغاوي والذي أصبح صديقي منذ ذلك الوقت. فالتقط لنا صور جماعية وأخرى”سيلفي” نشرت بعضها رفقة مقال على متن  هذه الصفحة في نفس اليوم.

لمن أراد الاستمتاع بمشاهدة الحلقة الخاصة باولاد بنعگيدة وحفيظة الحسناوية في برنامج “بين البارح واليوم” أو إعادة مشاهدتها، فهذا رابطها:

 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button