نورس البريجة: خالد الخضري
بعد تقديم قراءة وتحليل شاملين للأغنية الشعبية الشهيرة أو (ساكن مولاي عبدالله) للفنان المرحوم التهامي السالمي رفقة أحمد السالمي، والتي من أهمها:
1 – محتواها الفني الذي يجعل منها أغنية “طريق” بامتياز حيث تصف رحلة الثنائي المذكور من قبيلته السوالم جنوب الدارالبيضاء إلى موسم مولاي عبدالله قرب مدينة الجديدة، واصفا سائر المحطات التي قطعها من حد السوالم إلى الموسم المذكور.
2 – لحنها الحركي والمتنوع الذي ضمن لها الرسوخ ولا يزال منذ ما يزيد عن 60 سنة والذي هو مرتبط بإيقاع رياضة الفروسية أو التبوريدة.
3 – انتماؤها إلى جنس “السواكن” جمع ساكن وهي التي تتغنى ببعض أولياء الله الصالحين حيث يعتقد أن روح الولي تسكن المتلقي، خصوصا متى كان من مريديه فينخرط في حالة وجدانية وتحل بوجدانه. ومن أشهر سواكن منطقة دكالة وعبدة نذكر:
(سيدي بن يفو)- (سيدي بنور)- (سيديمسعود بن حساين) – (مولاي بوشعيب) – (مولاي الطاهر القاسمي).
إلا أن أغنية أوساكن مولاي عبدالله تبقى الأشهر والأكثر تداولا نظرا للمميزات التي ذكرنا، وعلى رأسها لحنها الحركي الذي حدا بعدد من الموسيقيين إلى إعادة توزيعه بأساليب وآلات مختلفة ومن ضمنها التوزيع الأوركسترالي على شكل سينفوني.
4 – من هذه الخصائص كونها أغنية “الصورة” حيث إنها ليست فقط تعدد أو تذكر المحطات التي يمر منها المطرب ورفيقه من منطقة السوالم إلى مولاي عبدالله، ولكنها “تصورها” مقدمة أوصافها وبعض معالمها وخصائصها، كالطريق الملتوية (الطريق غادية وتعواج ممنوع الدوبلاج)- وكذلك تصف قبة مولاي بوشعيب مول الرا گوبة والتي تطل على واد أم الربيع ثم المدينة القديمة والجديدة بأزمور.
فمدينة الجديدة وضمانها إلى أن يصل إلى الموسم فيصف مَحْرك الخيل (وصلنا للمَجْبد، بان لي الموسم جابد) – ثم الخيول وسرباتها الثلاثة عشرة سربة سربة. وسروجها المذهبة التي (تضَوِّي بالنهار). الشيء الذي يجعل المتلقي ليس فقط يسمع، وإنما يشاهد ما يحكي عنه السالمي، وكأن هذا الأخير يغني بكاميرا أو يصور فيلما وثائقيا عن رحلته الأثيرة تلك.
* من هوالتهامي السالمي ؟
هو: التهامي السالمي بن الحطاب الزروقي بن دحمان بن حمو بلعايدي من دوار البوشتيين. ولد في ثلاثينيات القرن الماضي بقبيلة حد السوالم الطريفية ثم توفي ودفن رحمه الله في سادس يونيو 1996 بالاساسفة، جنوب مدينة الدار البيضاء.
انخرط خلال مرحلة الاستعمار في العمل النضالي كمقاوم، وبحلول الاستقلال اشتغل بالعمل السياسي بانضمامه إلى حزب الاستقلال وتوليه مهمة كاتب فرعه بالسوالم.
- كتب، لحن وأدى التهامي السالمي أزيد من 20 قطعة غنائية تتنوع الحانها ومضامينها بين:
- – السواكن : (مولاي عبدالله)- (مولاي إبراهيم) – (مولاي التهامي) – (سيدي لحسن الشريف)
- (تعالى نتحدث ليك) – (تهلاوا لي في اولاد بلادي) — الاجتماعيات : (أتاي) – (قصيدة الحج) – (قصة الحاج محمد) – (اسمع يا من هو شيفور) – (البيع والشرا) – (تفجج في الموسم).
– الكوميديات : (مطيشة) وهي قطعة طريفة عن تعاطيه لفلاحة الطماطم التي كبدته خسائر فادحة – (لا تيقوا بالبانضيات) عن النساء النصابات. وله فيها أيضا محاورات طريفة بين (الكمنجة والوتار) و(الجامع والسكويلة).
– العاطفية أو الغراميات: – (اللّي عزيز عليه حبيبو) – (مال دموعي طاحو)- (الزين اللي كواني) – (راها كواتني).
وقد أدى التهامي السالمي هذه الأغاني في البداية عبر فن الحلقة على شكل الثنائي حيث كان يرافقه في أغلب الأحيان عمه التهامي السالمي على آلة البندير- وهو على آلة الوتار، وذلك قبل أن يسعى إلى تسجيل معظمها في أسطوانات 45 لفة عند شركة كازافون بالدرجة الأولى، الشيء الذي ضمن لها الخلود إلى حد ما ولو أن صاحبها لم يستمتع بدعاية إعلامية عبر التلفزيون.
فيما يلي بقية خصائص ساكن (مولاي عبد الله) مع نبذة شاملة عن مؤلفها وملحنها الفنان التهامي السالمي بن الحطاب الزرّوقي بالصوت والصورة: