حصرياتمجتمع

دعوة سيد البطاش ما تبطاش

سيدي امحمد البطّاش بوشاقور

نورس البريجة: خالد الخضري

يوجد ضريح الولي “سيدي امحمد البطّاش بوشاقور” في الزنقة رقم 11 بالحي البرتغالي بالجديدة، لصق  أصغر وأضيق زنقة بالمدينة والتي يصل طولها 12 مترا بينما يتراوح عرضها ما بين 60 إلى 80 سنتمترا بحيث لا تسمح بمرور شخصين جنب إلى جنب. وتسمى ب “زنقة سِيدْ البطاش” الذي يُفتح ضريحه  الصغير المطلي بلون برتقالي مخضب بلطخات من القطران الكالح، مرة واحدة كل عام، ليلة 19 من كل رمضان لتقام فيه وبجنباته الأذكار والأمداح النبوية.

حكت امرأة مسنة وعدد من ساكنة الحي البرتغالي بالجديدة عن سِيدْ البطّاش هذا، أنه كان فقيها يُعلِّم الصبية القرآن الكريم في حانوته الصغير حيث كان يقيم ويدَرِّس. فكان يتخذ من حرفة التدريس هذه ذريعة أو حيلة يتخفى بها اتجاه البرتغاليين، حيث إن الرجل كان يهاجم هؤلاء من حين لآخر بساطوره، قبل أن يسرع للاختباء والتمويه على أعدائه كمعلم ومدرس للقرآن الكريم للصبية في دكانه / ضريحه الحالي.

وبما أنه – حسب أقوال من ذُكر – كان رجلا ورعا تقيا، فقد تنبأ بيوم وفاته مخبرا سكان الحي بذلك، طالبا منهم أن يدفنوه في “المسيد” أو “الجّامع” الذي يُدرِّس، يتعبد ويعيش فيه. وفعلا في اليوم المعلوم يُحكى أنه اغتسل وتوضأ وعاد لدكانه ليصلي ويموت في يوم الجمعة 19 من شهر رمضان في عهد الاستعمار البرتغالي طبعا، الشيء الذي جعل مكانته تسمو لدى سكان الحي البرتغالي برمته ومدينة الجديدة ككل، فبادروا بدفنه في نفس المكان. واستمروا يخلدون ذكراه ويترحمون عليه بالطقوس المذكورة في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان عاما بعد عام وجيلا بعد جيل.

في هذه الليلة  ينار الضريح بالشموع ونظرا لصغر حجمه إذ بالكاد تبلغ مساحته مترين مربعة، يفرش الزقاق الموجود فيه بالزرابي والكراسي لاستقبال المقرئين والزوار. ويتولى مهمة صيانة الضريح والمحافظة عليه كما الإشراف على نشاط هذه الليلة، أفراد من عائلتَيْ البركاوي (عبد الكريم وعبد اللطيف) ومُگار(عزيز وعبد اللطيف) وفي هذا السياق قال الحاج عبد اللطيف البركاوي وآخرون عن هذه المناسبة: «كنخَرْجوا فيها السلكة ودعوة سيد البطاش ما تبطاش».  

بمعنى أن “الطُّلبة” والمنشدون يرتلون فيه القرآن الكريم، يقيمون الذِّكر وينشدون الأمداح النبوية ودعوات الخير، وكل من وجه إلى هذا الولي دعوة في هذه الليلة الرمضانية تستجاب في حينه. كما قد تفهم بشكل مخالف، أي أن كل من غضب عليه سيد البطاش ودعا عليه شرا، لا تتأخر إصابته بما دُعي عليه. وأكيدا أن مصداقية هذه الدعوة كانت تجد مفعولها في عهد الاستعمار البرتغالي للمدينة، بحيث أن هذا الولي “المناضل” بشكل أو بآخر، كلما وضع نصب عينيه عنصرا من عناصر المستعمر ودعا عليه لتصفيته بساطوره، فإن هذه الدعوة تطالها سرعة التنفيذ.

في هذه الليلة يقوم الجيران والزوار عامة بتموين حفظة ومرتّلي القرآن الكريم والمادحين والضيوف بصحون وقصعات الكسكس، كما يُسقى الجميع بكؤوس الشاي المنعنع والماء الشّروب حيث يستمر الذكر والتراتيل والأمداح حتى فجر اليوم التالي تقريبا.

لمعاينة طقوس هذه اللية صورة وصوتا يمكن مشاهدة الفيديو التالي:

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button